حياتنا أفضل
بقلم الأستاذ / حميد الأحمد *
دائماً ننظر إلى حياة الآخرين على أنها أفضل من حياتنا، وأن أهلها سعداء أكثر منا، وهذا بحد ذاته ازدراء بما نحن فيه من صحة وعافية وأمن وخير، فنرى أن الآخر يحيا حياة أفضل منا، لأننا لا ننظر إلا إلى الجانب المشرق من حياته، وكلنا مثل القمر له جانب مظلم، فما أدراك أن هذا الذي تنظر إليه يعيش بسعادة مثلاً، فربما تراه يمتلك منزلا فاخرا وسيارة فارهة، ولكن لديه مرض في القلب ينغص عليه حياته بين حين وآخر، وربما لديه ولد عاق ينكد عليه عيشه كل يوم، وربما لديه زوجة سليطة اللسان تحيل حياته جحيماً في كل ساعة، وربما عليه ديون وأقساط للبنوك تعجز عن قراءة أرقامها الفلكية، وباب الاحتمالات مفتوح على كل شيء.
ولكن لو نظرت إلى نفسك من الداخل ستجدك صحيح الجسد معافى، تملك فكراً حراً، تؤدي واجباتك، تعيش بين أطفالك، وتنعم بسلام ولك راتب تستلمه نهاية كل شهر تنفق منه على نفسك وعيالك، ولديك أولاد بررة ومتفوقون في المدارس وزوجة على خلق عال، وبيتك الصغير الذي تستأجره نظيف مرتب، و سيارتك القديمة تفي بالحاجة، وأنك تنام دون أن تأخذ دواء الأرق، وتصحو دون أن تقيس الضغط أو السكر، وتسافر بسيارتك لأداء العمرة، وزيارة أصدقائك، ولك في كل بلد عدد وافر من الأصدقاء الطيبين..أرأيت كم تملك حيال جارك الغني الموسر؟
بنظرة بسيطة إلى حياتنا نجد أنها أشبه بسائق السيارة حينما يقف على إشارة المرور فينظر في الطابور الذي أمامه فإذا عدد السيارات طويل جداً، وينظر يمنة ويسرة فيرى أن السيارات أقل في الطوابير الأخرى فيغير مساره إلى طابور قليل السيارات، ليمر بسرعة، فيقف أكثر ويتأخر أكثر مما لو وقف في طابوره السابق لأن سيارة في المقدمة تعطلت ووقف صاحبها يحاول إصلاحها وفتحت الإشارة ومضت السيارات وانتهى الطابور الطويل الذي كان يقف خلفه بسيارته، فهل كان هذا الطابور أفضل حالاً من السابق؟ هكذا هي الحياة لا بد أن تعطيك شيئاً وتأخذ شيئاً، فلا تكتمل فيها الراحة لإنسان مهما كان، عليك أن ترضى لتعيش فالرضا أول خطوات القبول لتلك الحياة، عندما أصيب أشهر لاعبي التنس وهو أمريكي من أصول إفريقية واسمه آرثر روبرت آش بالسرطان قيل له لماذا أنت بالذات وكان حائزاً على بطولة كأس العالم في سنوات مضت، فقال:
عندما تسلمت كأس البطولة ورفعته في فرحة لم أسأل ربي : لماذا أنا ؟ فلماذا نسأل لماذا ؟حين نصاب بالأذى ولا نسأل عندما يأتينا النجاح؟ ما هكذا يكون العدل علينا أن نرضى لكي نعيش..
1 ping