البُهاق أحد الأمراض الجلدية المزمنة التي تتسبب في فقدان الخلايا (الصبغية)، وينتجه مشاكل اجتماعية وحالة نفسية سيئة لدى المُصاب بالبُهاق؛ وذلك لعدة أسباب من أهمها وجود مفاهيم مغلوطة وشائعة في المجتمع عن مرض البُهاق، مما أدى إلى شعور المُصاب بالكثير من المتاعب حول مواجهة المجتمع دون الشعور بالتوتر والقلق.
سبب اختفاء الخلايا الصبغية
إن العلامات الرئيسية للبهاق هي تغير لون الجلد إلى اللون الأبيض، وعادةً ما يبدأ في المناطق المعرضة للشمس، مثل: اليدين، القدمين، الركب، محجر العين، حول الفم، ويكون انتشاره عادةً متماثلاً، كما أنه يصيب جميع الأعمار ولكن في الغالب يبدأ قبل سن ال (٢٠)، وهناك العديد من الفرضيات التي من الممكن أن تفسر سبب حدوث فقدان الخلايا الصبغية ومن أقواها وأكثرها قبولاً هي الفرضية المناعية، حيث تقوم الخلايا المناعية بمهاجمة الخلايا الصبغية وتخربيها مما ينتج البهاق.
أنواع البهاق
هناك ثلاثة أنواع مختلفة للبهاق وهي: البهاق الموضعي وينقسم إلى: بقعي، مقطعي، والنوع الثاني هو البهاق المعمم وينقسم إلى: الوجهي الطرفي، الشائع، ويعد هذا النوع هو الأكثر شيوعاً، حيث تظهر البقع متغايرة اللون في الغالب على أجزاء الجسم المتماثلة (بشكل متماثل) أما النوع الثالث والأخير هو البهاق الشامل وهو عندما يصيب البهاق أكثر من ٨٠٪ من مساحة الجسم، وقد يصاحب أعراض البهاق حكة خفيفة وخاصة في بداية ظهور البقع.
استعادة اللون
هناك طريقتين أساسيتين لعلاج البهاق: الأولى هي إعادة اللون للجلد المصاب بالبهاق، وذلك يكون عبر علاجات موضعية وهي عبارة عن مراهم كورتزونية أو بالعلاج الضوئي الذي يعتبر من الطرق الجيدة والأمنة للقضاء على المرض، أو بالعلاج الجراحي ويكون فقط للبالغين المصابين بالبهاق، أما الطريقة الثانية هي إزالة اللون للجلد السليم، ومن العلامات الجيدة في علاج البهاق هو توقف انتشاره، واختفاء البقع الصغيرة، ويعتبر تقدماً ملحوظاً في العلاج.
تأثيره النفسي
إن الشخص المصاب بالبهاق يكون عرضة للعديد من المشاكل النفسية ومنها: التوتر، القلق، والإكتئاب وخصوصاً لدى المراهقين، وهذا لصعوبة تقبل المصاب لهذا المرض لما يحدثه من تغيرات سريعة في شكله ونظرة المجتمع له، كما أن نظرة المجتمع لها تأثير سلبي كبير على المصابين لاعتقادهم بأنه مرض معدي فيخشى الكثير من الناس مخالطة المصابين بالبهاق، وذلك لإنتشار عدة مفاهيم مغلوطة وشائعة في المجتمع حول مرض البهاق، مما أنتجت حالة نفسية سيئة للمصابين.
المفاهيم المغلوطة الشائعة
إن عدم المعرفة الصحيحة للمريض وللمجتمع ككل هو سبب في انتشار عدة مفاهيم وأحاديث غير صحيحة حول مرض البهاق، ومن تلك المفاهيم إن البعض يرى آنه مرض معدي، وفي الحقيقة هو غير معدي على الإطلاق ولا يمكن انتقاله عن طريق اللمس، وأيضا هناك اعتقاد شعبي أن تناول الأسماك والألبان معاً يسبب البهاق، وهذا الاعتقاد خاطئ وغير صحيح ولا توجد علاقة بين الطعام والبهاق، وأيضا يرى البعض أن سبب البهاق نقص الفيتامينات وهذا غير صحيح.
الحالة النفسية
يعتقد البعض أن الحالة النفسية غير الجيدة أو الصدمة النفسية هي سبب في ظهور البهاق، ولاكن أثبتت الدراسات العلمية أنه لا توجد علاقة بين الحالة النفسية غير الجيدة وحدوث البهاق، ولكن غالباً يكون تأثير الحالة النفسية بعد الإصابة بالبهاق؛ لما يواجهه المريض من تغيرات وخصوصاً في مرحلة العلاج التي قد تستغرق وقتا طويلاً وقد يصاب المريض بمشاكل نفسية ناتجة عن ذلك، وبالتأكيد يؤثر ذلك سلباً على نتائج العلاج والاستجابة له مما قد يسبب في زيادته.
مواجهة البهاق
إحدى أصعب المشاكل التي قد يواجها المصاب هي تقبل أول بقعة بيضاء على جسده، وفي هذه المرحلة يقع المصاب بين التشكيك في أمر هذه البقعة، وبعد ظهور البقعة الثانية يبدأ بالتأكد من المخاوف التي كان يحملها وهنا يدخل المريض في دوامة من الإنكار والتصديق، وبعدها يبدأ في رحلة طويلة من العلاجات التي قد تستغرق سنين للحد من انتشاره، وخلالها يمر بلحظات من اليأس والضعف ويجد نفسه أمام خيارين إما أن يستسلم لليأس ويعتزل الناس، وإما أن يواجهه.
دور الأهل والأصدقاء
دور الأهل والأصدقاء له تأثير كبير على حياة المصاب، خصوصاً في الفترة الأولى التي يواجهها المصاب من محاولة تقبل البهاق وتقبل التغيرات الحاصلة على شكله، فالدعم المعنوي العالي والإهتمام به هو نصف العلاج لهذا المرض المزمن؛ والسبب يعود في تأثيره الكبير في مساعدته على التعايش معه، كما أنه سيسهم في تحسين نفسية المريض وإزالة القلق والتوتر النفسي عنه، فالحالة النفسية الجيدة للمصاب قد تحد من انتشاره وتساعد في استجابته للعلاج بشكل مرضي.
الفرق بين البهاق والبرص
البعض يرى أن لا يوجد فرق بين البهاق والبرص، وفي اعتقادهم أنه مرض واحد، وفي الحقيقة هناك فرق كبير بين كل من البهاق والبرص، فإن البهاق مرض مناعي ناتج عن خلل في المناعة؛ مما يجعل المناعة تهاجم الخلايا الصباغية، ويعد البهاق مرض مناعي مكتسب وغالبا يظهر بعد الولادة ويظهر بمراحل عمرية مختلفة، أما البرص يعد مرض جيني وراثي غير قادر على إنتاج الصبغة، ويغطي كامل الجلد ويبدأ منذ الولادة، وقد يؤثر على لون الشعر والعين.
زراعة الخلايا الصبغية
من الطرق العلاجية للبهاق وهي عملية جراحية يتم نقل الخلايا الصبغية من منطقة سليمة من الجلد إلى المنطقة المصابة بالبهاق، وتعتبر من الإجراءات الجراحية الحديثة والتي أثبتت فعاليتها العالية خلال الأعوام السابقة، وتتميز بأنها أكثر فعالية من العلاجات الأخرى (إذا كانت مستوفية الشروط)، وتجرى هذه العملية لمن لم يتجاوب مع العلاج الموضعي والعلاج الضوئي، وتعتبر فعالة لعلاج البهاق القطعي والذي لا يستجيب عادة للعلاج، وأيضا للمناطق الصغيرة.
شروط زراعة الخلايا الصبغية
هناك شروط لابد من توافرها للحصول على أفضل النتائج بعد إجراء العملية الجراحية، ومن هذه الشروط هي أن يكون البهاق من النوع الثابت بمعنى أنه لا يوجد أي نشاط للبهاق خلال الستة أشهر التي تسبق الزراعة، وثانيا أن لا تكون أماكن الإصابة في أطراف الأصابع (حول الاظافر)، وتنطبق هذه الشروط على جميع أنواع العمليات، فأن توافرت تلك الشروط يسمح بإجراء العملية الزراعية مع ضمان وجود نتائج مرضية بإذن الله، وتظهر النتيجة خلال ٨ أسابيع بعد إجراء العملية.
إن الطرق العلاجية تتطور مع تطور علوم الطب، فقد أثبتت نتائج أحدث الدراسات التي أجريت في مؤتمر الأكاديمية الأمريكية عام ٢٠١٠م، أن الجراحة لها فعالية عالية، والمناطق المتأثرة التي استهدفتها الجراحة لاقت تحسناً واضحاً، فقد استعادة لونها الطبيعي بنسبة ٧٥٪ عند بعض المرضى، وبهذا الشكل تم علاج مشكلة نقص الخلايا الصبغية، وتقوم الخلايا المزروعة بدورها وتباشر اصطناع الصبغة وتعيد اللون الطبيعي للمناطق المصابة.