
حديث الأنفة وعزّة نفس ونضال
حوار مع رئيس قسم الفن والثقافة بجريدة الرياض الأستاذ / عبدالرحمن الناصر
حاورته – الإعلامية / هيفاء آل شمّاء
ضيفنا في هذا الحوار نجم مميز سطع في سماء الإبداع ، ولايزال يحتفظ ببريقه الثري ، فرض أسلوبه الصحفي على الجميع متميزا عن الآخرين بما يتناوله من موضوعات هامة ، متألق دائما يقتحم القلوب ويعطرها بأريج الوفاء والإخلاص ، أجرينا معه هذا الحوار لنستفيد من هذه المدرسة ومن أجل أن نعرفكم على الأستاذ عبدالرحمن الناصر
1- تعريف مختصر لشخصيتك وهواياتك.. ماذا تقول فيها؟
– لا ادري بالضبط كيف افسر شخصيتي، على كل حال ذو شخصية غير مستقرة المكان، احب التحرك في كل المجالات، استمتع في ذلك، لستُ عشوائيا كما ينظر لها آخرون، ابحثُ عن جلب المعلومة وتنوع الثقافة، اما هوايتي قراءة الكتب والأستماع للقصص والحديث عن الفن بشكله العام والموسيقي وبحوثها وتطوراتها، وهذا الأمر الأخير كُنا نخجل التطرق له في مجالسنا.
2- هل أنت معتز بنفسك بما يكفي.. أم أنك نادم ومتحسر على خطوات كثيرة؟
بكل تأكيد، مثل سائر البشر يعتزون بأنفسهم رغماً عن التخبطات والهفوات التي كانت تلازمهم وترافقهم. هذه الحقيقية التي يتبرأ منها الآخرون، ورغم النجاحات والتخبطات التي رافقتي، لدي ثقة متجلية وعزّة نفس تعتلي كُل الأسقف فلا يضاهيها أي هامة اطلاقا.. أعتز بوطني وارضي وناسي وبماقدمت.
3- كيف تتعامل مع الذين يرونك مغرورًا ونرجسيًا ومتعاليًا؟
استغرب من هذا الأمر، لكن دعني اتوقع ذلك، ولانني لست نرجسيا، سأترك لـ”الذين” مجالا، علّهم يجدون فرصة، قد يغيرون رأيهم المجحف في شخصي.
ولكن غالبا، البعد عن السفهاء ترفع ولا علاقة له بالغرور اطلاقا، وهو مايجعل الآخرين في لبّس، بعدم التفرقة بين الترفع والتكبر.
4- حينما يتم تصنيف الناس بأخلاقهم أو ممتلكاتهم أو تاريخهم وماضيهم.. أنت ببساطة بماذا تحب أن يراك أو يصنفك الناس؟
لا المال ولا الممتلكات ولا أي شيء مادي يصنعك، أشياء اخرى هي من تضعك ضمن سجلات التاريخ، بصماتك وإيجابيتك في مجتمعك وما سجلته في ثقافة وطنك.
هذا ما كنت اريده، ان ينظروا ما قدمنا في سبيل الحفاظ على ثقافتنا وكتابة أنثروبولوجيا لم تكتب من قبل، اقتات منها القاصي والداني.. لو لم نكن بهذه الصورة فماذا تصنع لنا الأشياء الزائلة.
5- التشجيع حق عاطفي ودافع شخصي ورغبة معنوية.. فريقك الذي تحبه حبًا جمًا هل من الممكن أن تصفه لنا؟
يبدو انني بدأت انسحب من هذا الأمر، لم تعد تعنيني الفرق، كل مايعنيني واهتم فيه مجالنا الصحافي، هو من اخذني بعيدا عن اهتمامات الاخرين. اعتقدت يوما ان فريقي هو مؤسستي الاعلامية، لذلك مازلت متيما في تشجيعها، أبحث عن رُقيها.! هل لاني أعشق الصحافة اكثر من كل شيء؟، هل لاني اجيد المراوغة الحقيقية والتفنن بالقلم.. لا ادري فهناك اخرون يحكمون.! ولكن بدأت ارتاح من ضجيج الكرة.
6- مَن اللاعب الوحيد عبر تاريخ كرة القدم الذي لم يخذلك أبدًا وتدين له بالحب والفرح؟
لا اعتقد ان هناك احدًا يشبه ماجد عبدالله، هذا كان فارسا حقيقيا، اعاد لنا اسطوريات الفرسان الذين كنا ومازلنا نقرأ عن بطولاتهم في كتب التاريخ ونشاهد افعالهم في دُور السينما، هذا ماجد لن يتكرر، ولم اخرج عن العادة فكل الناس تراه مثلي، وربما يعشقونه أكثر مني، فلتحيا المهارة والابداع إذا حفتها كومة الأخلاق.
7- هل أنت أحد الذين يرون السوشيال ميديا نوعًا من الإعلام الجديد.. أم مجرد تطبيقات فرضتها التقنية وملحقاتها؟
منصات السوشيل ميديا، هي اعتبار منصات تكاملية تخدم مؤسسات الصحافة، وجدت هذه لتحيي وسائل الاعلام التقليدي، فمن استثمرها عادت له الحياة ومن تجاهلها فقد مات. لكن من غير المنطق ان نعتمد عليها كمخزون ارشيفي، فمن خطأ قد يزال كل مابنيته من جهد، او اغلاق شركةما لتطبيق يخصها. واتذكر انني قدمت ملفاً استراتيجيا عن الاستفادة من المنصات ووضعها كمرحلة تكاملية واجنحة تعيد للصحف مكانها الطبيعي.
8- أولئك المدمنون على قراءة الكتب.. كيف تنظر إليهم؟
مؤكد انه مثقف بدرجة عالية، ولكن قد تنقصه تضاريس الحياة، فبلا طبيعة وواقع لن يستفيد من الكتب.. وبحكم عملي ومتابعتي الدائمة ، فهناك الكثيرين من تجتاحهم الكتب ويغرقون بين فقراتها وجملها ولايعلمون عن مجريات حاضرهم شيء.
9- الفن جزء من حياة الناس.. أي فن يستهوي روحك ويغازل ذائقتك؟
الموسيقات المختلفة والابتكار فيها، واحياء موروثها..
دائما أفكر في ذلك، كيف نستطيع ان نحيي موروثنا العتيق بأسلوب عصري يتناسب مع مسامع الأجيال الحديثة.
10- لو امتلكت شركة إنتاج فني.. فما المشروع الذي تراه يعبر عن رؤيتك وتطلعاتك؟
بكل تأكيد، الأفلام الوثائقية، والموسيقى واعادة الموروث ذو القيمة، هذه الفنون تستطيع ان تنقل ثقافتنا للخارج وتعريف مخزوننا الحضاري وجعله جسرا لنقلها بكل المعطيات. هذه ايضا ضمن رؤية سيدي سمو ولي العهد 2030. وهي إيجاد ومنح الفرص لرفع قيمتنا الثقافية إلى مستوى أعلى.
11- حلمك وأمنيتك الكبيرة.. ما هي؟ وكم تبقى من الزمن لتراها ماثلة أمام عينيك؟
لن أكون وزيرا للاعلام او رئيس هيئة الاذاعة والتلفزيون، بطبيعة الحال “لن” أداة للتمني، والتي من خلالها وضعت مجهرًا للتيليسكوب لأكتشف ان كل من خدموا في هذا الجانب لم يحققوا الاماني، وربما لن يحققوا امنيات الاجيال التي ستأتي بعدنا، اذا كانوا بنفس الصورة والحس المهني.. ومع هذا لن اتوقعها تأتي حتى لو غيرت ألوان قزح، فأنا انسان لستُ محظوظا بهذا الشكل.
12- الدنيا بكل تقلباتها وعطاياها وصدودها.. ماذا منحتك؟ وماذا أخذت منك؟
تقريبا منحتني معرفة الناس بشكل بسيط فقط، لكنها اخذت صحتي ووقتي ومالي.
13- السعادة التي يتحدث عنها المرتاحون المترفون.. هل سبق لك تجربتها وكيف تعايشت معها؟
قلت لك لست محظوظا، فالحياة بشكل عام اختبرت صبري بطريقة قاسية جداً، لذا تعودت النضال من اجل حياة الكرماء.
14- أين تستشعر الهدوء والطمأنينة والسكون.. مع من وما هو المكان؟
لن أكون مثاليا، فأسرد لك الأمكنة الروحانية وغيرها، حقيقة لا اجد هذا الا مع أمي – رحمها الله- مؤكد هذا كان يحصل سابقا، حينما اجلس أمامها واسمع منها كُل شيء، بعدها تغيرت الأشياء وتبدل الشخوص والمكان، ارتاح اليوم في بيتي بين أولادي ووالدتهم المصون، اسمع منهم كل شيء.. ومع هذه الأشياء الجميلة، مازلت احفر قاع دماغي لأتصفح وأعيد ذكرى أمي الطيبة.
15- مَن أصدقاؤك المقربون الذين لا تستقيم الدنيا بغيابهم وزوالهم؟
ثق بأنني رجل اجتماعي مبتسم، الكل اراهم اصدقاء عمر لا مرحلة، رغم ان هناك اشخاص جمعتني معهم الصحبة منذ الطفولة فلم نتفارق، لكم تبدو الحياة اختلفت وربما ابعدتنا بعض الشيء، المكان والزمان ليس في صالحنا، اخذتنا إلى حيث عودة ان شاء الله، اتذكر والدتي -رحمها الله- أوصت عليهم، تراهم مثل ابنائها. الأجيال تختلف والتأثيرات تضعك خارج الصندوق القديم، فتعاود في جمع اصدقاء جدد.
في نهاية هذا الحوار الماتع ، أود أن أقول، إن للأدب دورًا عظيمًا في تاريخ البشرية عامة، وفي تاريخ المسلمين خاصة، وقد صح عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: ((إن من البيان لسحرًا، وإن من الشعر لحكمة))،
أشكر الله أولاً ثم أشكرك أ. هيفاء كما أشكر مقهى أرجوحة شرقية الأدبي و القائمين على هذا المنبر الفكري الثقافي أتمنى لكم النجاح المستمر .
كما اشكر مجلة الرائدية الثقافية .
والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا ورسولنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.