[CENTER][COLOR=#010100][B][SIZE=5][FONT=Arial]وعاذلة تلومني...
أتكفن بغربة روحي تجد المسير في دروب عبدتها داخلي ينساب الضوء البارد من نافذة الأحشاء يتشح بالصمت أناديها :
_ رحمتك يا الله من أين يأتي هذا الصقيع ؟
يأتيني صوتها مخيفا :
_ الجو حار!! دائما ما تدعي البرد!
أتساقط في مكاني أعبث بطفولتي المقتولة
تأتيني بقرع نعالها تفيض قسوة و أتذمر اشمئزازا :
_ كفى إلى متى تظل يا رجل تتصرف كا لأطفال زمن ولى هل تريد أن تعود طفلا!!
تضربني فوق كتفي وتوليني الدبر
أناديها يخفت الصوت قليلا أظل أردد داخلي :
_ ولما لا أبقى طفلا هل هو عيب أن يستشحذ الإنسان لحظات طفولة مقتولة داخله أن يعيش ولو دقائق طفلا !!
أتطلع إلى الصورة المعلقة أمامي كتبت فوق صفحتها انتهينا رغم أنهما متعانقين !!
_ لماذا يؤمن الإنسان بالفناء !!
يستحيل البقاء!
يتجذر داخلي السؤال تعود إلي مايا استوقفها لحظات أشدها مع مريلتها وقد ربطتها حول خصرها بإحكام
_ مايا :
هل انتهينا ؟؟
يأتيني صوتها المتهكم :
_ أرحنا من تجاويف أسئلتك الخرقاء!!
_ مايا لا ترضين بي طفلا ولا عاشقا قولي لي ماذا تريدين مني أن أكون؟؟
_ أريدك أن تنام هل نسيت موعد النوم ؟
أطرق برأسي مايا تريد أن تدفنني في السرير لأقول لها أمنيتي الأخيرة لعلي لا أفيق.
_ مايا إنني أشعر بنشاط غريب هذه الليلة هلا أخذتني إلى الحديقة أتمشى هناك لدي كلام كثير .
تعقد حاجبيها تهرول نحوي مسرعة ترغي وتزبد:
_ كل يوم تقول بأنك لا تفيق و أجدك دائما تصحو قبلي ولعل نشاطك يكون صحوة الموت!!
_ بالفعل إني أرى اليوم كل شيء مختلف أرى سراجا مضيئا وسط حديقة غناء وبجوارها كرسيا رجراجا وعيونا ساحرة ترقب الدرب تعد الدقائق للموعد المنتظر ؟؟
أرى فراشات من جميع الألوان هل تصدقين حتى اللون الأحمر آه يا مايا هل توجد فراشة ذات لون أحمر!! تحوم حول البحر لا تشعر بالدوار
و طاحونة وحيدة على أطراف النهر تستجيب للريح المعاكسة تتحرك دون فتور وما من أحد أضيئت داخلها الأنوار وتتطاير القمح والشعير في كل مكان
وقمر يتوسط الليل والنهار وطفلة واحدة بجسد امرأة لا تحويها جدر تترفل بفستانها الأبيض الحرير الذي يتعانق وستائر الساتان الوردية تناديني تأمرني أن اقترب أن اقترب أكثر وأكثر وتشيران كفاها أن ابتعد أن ابتعد أكثر وأكثر مازالت يا مايا طفلة وتؤمن بالفناء تقول انتهينا لا يجدي الاقتراب.
تنظر إلي مايا بصبر يكاد ينفذ تفصح كلماتها الأخيرة بالصراخ لا تحفل بالشفقة:
_ هل سيطول بك الهذيان؟؟
_ لا يا مايا خذيني إلى قبري بخطوات وئيدة وأسدلي فوق جسدي المرتعش أكفانه المتجددة ولا تنسي أقتلي ضوء الشمس الباكي داخل غرفة الموتى وعلقي حريتي وطفولتي وقصاصات أوراق الحب من صفحات قلبي بالحبل شنقا فوق أسوار شرفتي كي أستريح ويستريح حديث الهم داخلي .
كانت آخر صورة أراها هي التي تأتي كل يوم وتراني، امرأة علقت كفيها بشباك من حديد أخذت أشكال المعين تتوسط السحب والتي تموج بشتى الألوان ، ومن نظرات عينيها الحزينتين تنطلق ملايين التوسلات تستنجد ارتسمت فوق خديها دمعتين وخوف يسكنها ترتعش له أطرافها ، ومن بعيد ظل رجل عجوز كهل يقهقه شامتا لأنوثة حبيسة وراء أسوار الظلام ....
أبحر في يم السؤال أغرق وأطفو و أدور من مصل مايا في مدارات سحيقة أفقد ذاكرتي شيئا فشيئا حتى يغشاني سكر لذيذ تعود فيه العيون الساحرة والكرسي الفارغ والفراشات الملونة وتنطلق المرأة المأسورة من أغلال القيد تجري نحوي تعانقني ..
أشير بذهول نحو الرجل العجوز تضحك ورجع حديثها بلابل صادحة وقت السحر:
_ حبيبي أنه لا يرانا و أن رآنا فهو أضعف الآن ما يكون من الهجوم.
_ لماذا ؟
هل ستظل تتقوقع في الواقع ! إنني لم آتيك فيه ودعك من الأسئلة فا لفناء بدأ عده التنازلي .
أطلقتُ صيحة جلجلت الآفاق :
_الفناء!!!
وضعت أناملها الرقيقة فوق شفتي اقتربت مني تهمس في أذني :
_ إنها ليلتنا
أخذت بيدي وسرنا نطوي المسافات وكان أقدامنا تطفو فوق أمواج محيط لا تستقر فوق أعشاب الأرض يا إلهي أين أنا ؟؟تغني في مسمعي :
الليل يا ليلى يعاتبني
يقول لي سلم على ليلى
الحب لا تحلو نسائمه
إلا إذا غنى الهوى ليلى
خدر لذيذ يسري بأطرافي أردد أسمها العذب ليلاي ليلى غنت أغنية الحقل الذي جمعنا يوما أغنية الليل والنسيم الذي طالما ضما جسدينا داخل جوف ظلمته ، ترنمت بأعذب كلمات وشدت بأعذب لحن حرت في نفسي أما زالت ليلى تتذكر هذه الأغنية أما زالت تحفظها ؟؟
تبدت لنا الطاحونة الوحيدة في أسكن ما تكون وقد كسا القمر سنابل القمح باللون العاجي ولجنا إلى الداخل ومن بين أغبرة السنين التي ولت تذكرت كلمة واحدة كانت الكلمة الوحيدة التي فتنت بها طفلتي المأسورة وضعت يدي فوق خدها :
_وحشتيني وحشتيني..
أراحت يديها الناعمتين بين يدي
يلفني أجيج عشقي المجنون المتكوم في نظرات عينيها ودفء صدرها أرشف من رحيق شفتيها عذب المدام أهمس في أذنها :
_ منذ زمن بعيد بعيد جدا لم تدفأ شفتاي وكفاي.
تشدني نحوها تردد :
_ الجلاد نائم والسجان يلعب بالمفاتيح وعين العاذلة قد أغفت ضمني إليك.
وفي خطواتي نحو جسدها الذي يستصرخني اجتزت عشرات السنين لا أعلم كيف ومتى أخذ جسدها ينتفض و يبتعد عني ، ثم هبت ريح قوية فأخذت المروحة بالدوران أشارت نحوي بيديها أن ابتعد وقد اصطبغت كفي طفلتي الرقيقة بالدم والأشكال المعينة أخذت بالظهور وقهقهة الرجل العجوز تتعالى !
توقظني مايا بقسوة أتلقف يديها الخشنتين وما زلت أهذي:
_ الفراشات الصغيرة الملونة التهمها موج البحر وقد كانت تلعب في دعة والعيون الساحرة تبكي بوله عادت طفلتي المأسورة إلى القيد يا مايا لقد عادت استيقظ الجلاد وقهقه السجان والعاذلة... العاذلة ...!
تفلت مايا يديها من يدي وهي تردد في ألم:
_ أتقي الله يا رجل لم يبق بينك وبين حفرة القبر إلا الأمتار !!
ترتعش أطرافي استفيق من وهمي تشدني مايا بقسوة نحو واقعي أردد:
_ برد أشعر بالبرد
يأتيني صوت غريب لا أعلم من أي اتجاه
_أغلق يا رجل نافذة الذكرى داخل أعماقك ...
_رحمتك يا رب رحمتك مازال بكاء و أنين طفلتي المأسورة يرن في مسمعي يسكن داخلي يزفني إلى مثواي الأخير...
بقلم : أم غلوية
3 _ يناير _ 2006م
الإثنين [/FONT][/SIZE][/B][/COLOR][/CENTER]