هل النقد صحي ؟ أم إضاعة للصيدة بالعجة ؟
بقلم الأستاذ / نهار ناصر السهلي *
في زمن كثر فيه الكلام واكتسحه الإعلام ، كثر ما يسمى النقد وكثر منتسبيه ، فهل هو أمر صحي بالفعل كما يقال؟ أم هو ساحة اختلط بها الحابل بالنابل وضاعت الصيدة بالعجة؟
لست متأكدا أي الجانبين اصح ولكني سأوضح أمور تتعلق بالنقد على قدر عال من الأهمية أراها
متى التزمنا بها سنحقق الجانب الأول وهو الأهم.
وأولها وجوب الوقوف على مفهوم النقد إذ يقال بان النقد بمفهومه اللغوي هو فحص الشيء ودراسته جيدا للحكم عليه وتمييز جيده من رديئة ولنركز على الفحص والتمحيص والدراسة لأن ما نقول سنسأل عنه .
وثانيها : معرفة فائدة النقد ، وهل هو منفرد في العيوب فقط كما هو شائع ؟ والجواب بالتأكيد
لا ففائدته بتحديد مكامن الخلل والضعف للتقويم والتعديل والإصلاح والارتقاء ، وتحديد مكامن القوة للتشجيع والتعزيز . بعيدا عن التخوين والتهديد والوعيد و التجريح والانتصار الشخصي ، فكل من وكل له أمر من أمور الناس سينقصه ما ينقصه وعلينا محاولة إيصال صوتنا له (بأدب )سواء سلبا أو إيجابا ولنتأكد بأنه لو كلما اخطأ مسئول أزيح لما بقي لدينا مسؤولا وإلا نربط إقالته أو استقالته أو نقله بقصور في عمله إلا بإثباتات وقلما سنمتلكها ولنتذكر بأن دوام الحال من المحال والحياة متغيرة وبأننا إن جرحناه باسم مستعار فالله سيقتص له وإن أعلنا من نحن فنحن عرضة للمحاسبة في حال شكواه .
وثالثها : هل للناقد شروطا ؟ بالتأكيد ومنها إخلاص النية ،أدب اللفظ ، سعة الثقافة ، رقة الشعور ، تيقظ الفكرة ، قوة التمييز ،إدراك التوقيت المناسب للنقد ، الإنصاف . وعليه ليراجع كل منا نفسه ليحدد مكانه وتوافر الشروط فيه وهل هو أهل للنقد أم لا ؟ أو على الأقل في حال النقد كم هو مقدار التزامه بتلك الشروط ؟ .
ورابعها : إن الناس من النقد صنفان :صنف ينقد ويحاسب نفسه قبل إن ينتقده الآخرون ويتقبل النقد ويأخذ ويعطي ليصلح ويبني فتمرين المنقود لنفسه على تقبل النقد والإصغاء هي من أسباب نجاحه . وصنف آخر يغضب ويزمجر وينكر ويراوغ وهذا ضعيف سيكتشف بسرعة و لن يستمر في مقارعة الكبار .
[
* ومضة أخيرة :
من خان أمانته وضيع مسؤوليته من وجهة نظر الناقد فعلى الناقد من وجهة نظري واجب تجاهه دون تجريحه يكمن بالتالي: إما الإثبات وتقديم ذلك لمرجعه والاستعانة بمن يعين على إزاحته أو الصمت لأن النقد في حاله سينتقل إلى ما يسمى ( الاتهام ) والمتهم بريء حتى تثبت إدانته والصوت معه مقطوع لا فائدة فيه بل هو مدعاة لـلانحطاط والإسفاف .
ودام الجميع بحب
* كاتب و تربوي