[COLOR=#050500][JUSTIFY][SIZE=5][FONT=Arial]
[CENTER][SIZE=6][COLOR=#09089A]أسكت ... أسكت !![/COLOR][/SIZE]
[/CENTER]
[COLOR=#920A06]بقلم / فارس بن عجل *
[/COLOR]
قبل أيام وردتني رسالة من أحد الإخوة الذين يهتمون بشأني ويهمهم أمري يطلب فيها مني أن أتوخى السلامة على نفسي ، وأن أساير التيار العام [حشرٌ مع الناس عيد ] ..أو- على الأقل- أن أتنحى عن طريقه [الجارف الذي لا يرحم ] حسب تعبيره ،
وأن أخفف لهجة الانتقاد الحاد خصوصاً مايتعلق بالعقائد والتاريخ والثقافات الموروثة والممارسات الخاطئة التي وفدت إلينا (كالسم المدسوس بالعسل) من خارج الحدود والتي ابتلينا بها ومازلنا ندفع ضريبة التشبث بها والدفاع عنها ...!!
وبعد قراءتي لرسالة هذا الأخ (الشفيق] استنتجت أنه يطلب مني: الركون إلى السلامة .... والسكوت على كل فعل (جمعي) يمارسه المجتمع مهما كانت درجة إنحرافه عن جادة الشرع القويم ، ومهما كان بعده عن الدين والعقل والأخلاق ..!!
وبالواقع فإن هذه الرسالة هي واحدة من الرسائل الكثيرة التي وردتني (عبر الهاتف) أو (بريدي الإلكتروني ) أو عن طريق الزملاء تطالبني فيها بتخفيف (اللهجة) وتجنب (الإشارة الصريحة ) إلى بعض الممارسات التي تخص العقائد والدين ..! وفي الحقيقة فأنا لاأدخل في القضايا- سواء كانت عقائدية أو إجتماعية أو سياسية- إلاّ وأنا أعرف خطورة المسائل التي أدخل فيها ، ولو كنت أبحث عن سلامة الموقف ، وسهولة التعامل ، وتمشية الحال ، لسَكتُّ من زمان ..ولحصلتُ على الدنيا العريضة كما حصل عليها الساكتون ..ولنلتُ من المصالح كما نالها الباحثون عن السلامة !! ولكني أدرك تمام الإدراك بأني مؤتمن على هذا العقل الذي وهبني وأكرمني به الله سبحانه وتعالى ، ولاأستطيع أن أخون هذه الأمانة مهما كلفني ذلك من تضحيات ..ومهما جَر عليَّ ذلك من المسؤوليات !! ومع الأسف الشديد برزت ظاهرة جديدة في أوساط المجتمع السعودي -خصوصاً بين المتدينيين التقليديين - وهي ظاهرة (النكوص التوعوي) المتمثلة بالنصائح الباهتة التي يرفع شعارها التكفيريون والمذهبيون ، ويقدمونها كنصائح ذهبية إلى كل مجدد ، وينفخون بها في وجه كل مصلح إجتماعي ، مثل : لاتتكلم بهذه الطريقة ..لأن ردة الفعل بوجهك سوف تكون قوية وعاصفة !!..أسكت ولاتنتقد الجهة الفلانية ، لأنك في نقدك هذا تسبب توهين وإضعاف الدين وأهله !!!...أو مثل : أسكت ..ولاتعمل الإجراء الإصلاحي الفلاني بهذه الطريقة لأنه يتسبب بردة فعل عنيفة من الجهة الفلانية ..أو : أسكت ْفإنك تتحدث وتنتقد أمور هي محاطة بخطوط حمراء ..وصفراء ..وزرقاء ..وووو!!! وماأكثر الخطوط الحمراء في زماننا هذا ....فكل ماتكلمنا بقضية تمس حياتنا وحماية نسيجنا الوطني صرخوا بوجوهنا : احذروا : فهذا الموضوع أمامه خط أحمر ..وتلك القضية خط أحمر ..وهذه الثقافة خط أحمر ..وذاك الإنسان خط أحمر ..وهذا التاريخ خط أحمر !!!!
ولاأدري أين مكان العقل الذي وهبنا الله تعالى به وسمح لنا أن نُحّلق به في كل دقائق الكون وغوامضه ومبهماته بكل حرية ..وعلمنا سبحانه وتعالى أن نناقش به (العقل) كل قضية ..(قل هاتوا برهانكم ) ..(وإنا وإياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين ) وهذا على وجه الإنصاف في الحجة كما يقولون ... حسناً ..وإذا سكتنا ... ماذا بعد ..؟ ...والبلد إذا بقي لانسمع فيه سوى : أسكتْ ..أسكتْ...لأن كل شيء محظور الكلام فيه لأنه مقدس .. ولأنه غير قابل للنقد ..ولأنه ..ولأنه .. ...إلى أين سينتهي بنا الحال..؟ ثم متى كنت متكلماً ! حتى أسكت اليوم ..ومتى كنت خائفاً حتى أخاف اليوم ..!! لقد كنت في بعض الشدائد والمعضلات التي تكتنفني وتحيط بي من كل جانب - في الماضي و الحاضر - يصيبني بعض الضعف ..ويعتريني بعض الوهن والتردد .. ولكني عندما أنظر إلى وجهي (الخائف الوجل) في المرآة أشمئز منه ، ولاأستطيع النظر إليه ...فأخاطبه بقوة : لا ..لا أريد أن أنظر إلى هذا الوجه (الجبان) مرة أخرى ..!! وفي النهاية كتبت إلى صديقي الوفي العبارة التالية : أيها الأخ الصديق. شكراً لمشاعرك الطيبة ..ولكني..لم ولن أسكت.. فالساكت عن الحق شيطان أخرس! لن نسكت بعد اليوم
يا أستاذ داوود الشريان لك كل الشكر ، وأرفع لك قبعتي وإياك أن تسكت!،
فوطني أمانة في عنق الجميع يا سيدي . ؟!!
[COLOR=#920A06]* كاتب .
[/COLOR]
[/FONT][/SIZE][/JUSTIFY][/COLOR]