[FONT=Arial][SIZE=6][B][COLOR=#0024FF][CENTER] المجاملة والنفاق الاجتماعي [/CENTER] [/COLOR][/B] [/SIZE][/FONT]
[JUSTIFY][COLOR=#080804][B][SIZE=5][FONT=Arial]
بقلم :- الدكتور / هاني المطارنه [COLOR=#FF1F00]*
[/COLOR]
يقول الله تعالى: لا تحسبن الذين يفرحون بما آتوا ويُحـبون أن يُحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم آل عمران188
المجاملة بالمعنى التربوي هي إطلاقٌ في طيب القول وجميل الكلام ..والمسلم مطالب بهذا الأمر على وجهين :
الأول: بالنسبة لكافة الناس مؤمنهم وكافرهم – قال تعالى : وقولوا للناس حُسنا
ويقول رسول الله : " سلّم على من تعرف وعلى من لا تعرف " فمن المعلوم بديهياً أنّ كثيراً من دول العالم الإسلامي –كدول شرق أسيا –لم تُفتح بأي جُهد جهادي ، وإنّما لما سمعوه من طيب القول ، ودماثة الخُلق ، وحُسن العشرة ،
وعايشوه من فاعلية سلوكية لقيم الإسلام، من قبل أبنائه الذين ربطتهم بهم علاقات تجارية واقتصادية عبر طريق الحرير آنذاك .
الثاني : بالنسبة للمسلم خصوصاً: يقول الرسول : " لا تحقرن من المعـروف شيئاً
ولو أن تلقى أخاك بوجه ٍ طلق ". وفي حديث الإمام أحمد :للمسلم على المسلم سبعة حقوق ..منها أن تمشي بحاجته ،وتعينه على دابته، وإن عطس تشمته
وإن مرض تعيده ، وإن فرح تهنيه ،وإن حزن تواسيه ..والنصوص التشريعية بهذا المجال أكبر من أن أحصرها بوريقتي هذه.
جاء في الحديث عن أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – بينما كانت جالسة مع رسول الله إذ أقبل رجلٌ عليهما، فقال الرسول : بئس أخو العشيرة هذا ، وحين
وصل أطلق له الرسول – أي جامله بالقول – وعندما غادر قالت عائشة : عجباً يا رسول الله ، حين أقبل الرجل قلت ما قلت ،وحين جلس إليك أطلقت له! فقال: يا عائشة إنّ من شرار الخلق عند الله من يُوقـّر مخافة شروره " .
فالقول الحسن ، والمجاملة اللطيفة أمر ٌ مطلوب ٌ شرعا ً من الناحية التربوية الأدائية ، لما يؤديه من حميمية للأخر ، سواء من يستحق أو درءا ً لمفاسده وتوقيراً له مخافة شروره ، والله سبحانه يقول : ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وببينه عداوة كأنه ولي ٌ حميم . وحقيقة المجاملة كسلوك اجتماعي إيجابي ، وفاعلية تربوية أدائية ، لا يحُسنها إلا صاحب حظ ٍ كبير ممن أنعم الله عليهم بالصبر
قال تعالى : وما يُلقاها إلا الذين صبروا وما يُلقاها إلا ذو حظ ٍ عظيم .
أما النفاق الاجتماعي الذي يُعـبّر عنه البعض ب ( مسح الجوخ ) فهو مختلف تماما ً
وهو ما أشارت إليه الآية الكريمة أعلاه ، حيث ُ يُوجّه طيب القول ،والثناء العطر ، والكلام اليسر ، إلى من ليس فيه من الصفات التي تُذكر ، فالتملق وحمد الأخرين على ما لم يفعلوا من صالح الأعمال هو النفاق الاجتماعي، ومنه الثناء على ذوي المسؤولية للتقرب منهم أو الحصول على مكاسب ومنافعٍ رخيصة .
ويُعرف المجامل المؤمن بثبات مبدئه ، واضطراده ديدنه ، وديمومة نهجه ، في فلسفته بالتعامل مع الأخرين . وأما المنافق الاجتماعي فهو المتذبذب بقوله وسلوكه
فمن يمدحه اليوم يذمه غداً ، فليس بصاحب مبدأ ، ولا براعي نهج ، ولا يملك فلسفة
ذا مرجعية وثبات مبدئي .
إنّ حُب الثناء وطيب الإطراء ، أمر ٌ جُبل عليه الإنسانُ بحسب هيئته السوية بخلقه الأول ، والمؤمنُ من يُقابل بالإحسان إحسانا ، والمنافق الاجتماعي من يُقابل الإحسان جحودا ً ونكرانا .
وأختم : بأن المؤمنَ مجاملٌ لبق في غير معصية ، وما القبول لدى الناس إلا أمرٌ ينطوي على حُسن السلوك ، وطيب القول ، ودماثة الخلق ، وحُسن العشرة ، ولين المنكب، ودينامية التعامل...يقول الشاعر :
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم فلطالما أستعـبد الإنسانَ إحسان ُ
[COLOR=#FF1700]* أستاذ بقسم التربية وعلم النفس بكلية العلوم والآداب للبنات بالخفجي ( جامعة الدمام ) .[/COLOR]
[/FONT][/SIZE][/B][/COLOR][/JUSTIFY]