كــــن رائــــداً
بقلم الدكتور / بلال كمال رشيد *
فما كانت هذه الحياة إلا لتكون فيها رائداً ، خليفة في الأرض عابدا ، بدأت الحياة بآدم ثم كانت حواء وكان التعارف والتآلف والتزواج والتناسل والتكاثر ، وأصبحت الأمة أمما ، وكانت الحياة نصا يرى ويسمع ويحس ، تدرك بالحواس وبالتفكر والتأمل ، ثم جاء القرآن الكريم بكلمته الأولى " اقرأ" لتكون قارئا .. متدبرا .. وعالما وعاملا .. فكن بالقرآن عالما وعاملا ... حتى يباهي بك الرسول الأمم يوم القيامة ... كن رائداً في عباداتك ومعاملاتك .. في اتصالك وتواصلك .. لتدرك ما سبقك .. وتعيش حاضرك ..وتعمل لمستقبلك ..لتسمع لناموس الكون ، وتستمع لإيقاع الحياة ، وتستمتع بالوجود وبتواجدك
كن رائداً حيثما كنت .. وكيفما كنت .. فالقليل بالريادة كثير .. والصغير بالريادة كبير " ولا تستصغرن من المعروف شيئا "
غير في نفسك لتغير وتتغير أمامك الحياة كما تحب وترضى
كن رائداً لتكن عاليا ففي الأعالي كل المعاني تكون .. حيث تتسع الرؤيا فترى كل ما هو دونك دون ... فتُرى وتَرى .. حيث الفضاء أرحب .. والهواء أصفى وأنقى ..والثمار أشهى وأنقى ... إليك تهفو القلوب .. وبك تتغنى العيون .
كن رائداً واقرأ من آي ربك وأنت ترى آيات ربك حيث تكون
اصغ لهمس الشجر .. وصمت الحجر ... وأنات البشر
انظر لعالم الطير والحيوان ... طر إلى الأعالي .. تغن بأنك الإنسان .. فكل ما في الكون لك ...ارتق بإنسانيتك .. وكن إنسانا حيث تكون .
فطرتك .. دينك .. إسلام ، تحيتك سلام .. ، بسمتك صدقة .. وجودك في الحياة عبادة .. جِد وجُد في الخير وبالخير ..فكل أمرك خير ... كن رائداً وليكن الخير فيك وفي نسلك إلى يوم القيامة ..ليجد الناس الخير فيك وفيهم .. حين يتتبعونك وإن لم يتبعوك !!
كن رائداً .. واجعل الرائدية فيك مبدأ .. وفكرا .. وسلوكا .. لتكن الرائدية وسيلة وهدفا.... قلبك النابض بالحياة ... اقرأ فهذا الكون نص ... وهذا القرآن كون .. كن كائنا قرآنيا .. لتحلو الحياة لك عبادة وعملا ... ولتحلو بك الحياة وتصفو
لله أنت .. فكن رائداً في الخضوع والخشوع والركوع إليه ... اسجد واقترب ... بذلك تعش رائداً .. وتعلو وترتفع !!!
* كاتب وناقد أدبي ـ أستاذ مساعد في الأدب العربي الحديث ونقده