عيون رقمية
البون الشاسع بين التقاء العيون باهتمام و بين أجساد تحرك رؤوسها في ايماءات مبرمجة ، منذ انطلاقة الهواتف الذكية ونحن نسمع و نشاهد في واقعنا الأسري و العملي حال هذه الأجهزة من إجابيات تكاد تندثر تحت طوفان سلبياتها ، و الأمر هو هو نعد ونحصي هذه السلبيات في استنكار و تشكّي ، ونحن لا نستطيع تركها للحظة ، و كأن لسان حالنا نحن أفضل في الاستخدام وأقل ضرر ، لا ننكر مالها من دور يوفر لك عناء الجلوس على أجهزة الكمبيوتر فأنت تحمل معك الجهاز بأقل عناء ، و تعمل أكثر وأنت تتنقل وفي كل تقلبات حالك ، ولكن للأسف أصبحنا منهكين من الداخل و منقطعين حتى عن أرواحنا و التواصل معها عزلة وغربة تجد عند بعضنا ولو لم يكن الغالب ممن تلازمنا باستمرار، نزق شرود انفصال عن جو الأسرة والاكتفاء الجلسات الخفيفة بتركيز مشوش .
هنا لعلنا نتحمل تبعات الضرر على أنفسنا قل أو كثر ، ولكن نأتي للوتر الحساس في أيدينا وهم الأغلى، الأبناء مخاطره السابقة والتي سوف تستمر لو استثنينا الجانب الأخلاقي والخوف من هذا الجانب سيبقى الأخطر والاشد خطورة تحت بصرنا من ألعاب وغيرها مما يسرق من أعمارهم أجمل اللحظات المتمثلة في اللعب والحركة ومزاولة الاكتشاف من خلال فطرة النمو التي تشترك فيها جميع الحواس فقد الأبناء مع الأجهزة لذة التركيز و مشاركة الوالدين الجلسات الأسرية بمتعة وتلقي وأخذ وعطاء في نباهه أصبحت سحنة الكآبة في نظراتهم الشاردة ونفوسهم التي فقدت حب المرح إلا بوجود هذه الأجهزة المدمرة.
وتستمر شكايتنا اللا مجدية ولم يعد أمامنا غير جني ثمار حصادنا الذي نصفق له يدا بيد حين بلغ الأمر مرتبة من التفشي القدري الذي لا حول لنا فيه ولا قوة.
* كاتبة ، مشرفة رحيق