حيرتي مع صدام والربيع العربي
بقلم المهندس / محمد يحيى الشناوي*
كم بِتُ أتغنى بكلماته وأبيات أشعاره ، ( أنا سيقتلوني الأمريكان ، أما أنتم فستقتلكم شعوبكم ) وفعلا قتلوه الأمريكان وقتلت الشعوب حكامها أو وضعتهم بالسجون أو جعلتهم يفرون ، وحين تمثل بالبيت : تبقی الأسود أسود .. والكلاب كلابا ، وأيضا كم كرهته !! وكم دعوت عليه!! لما سفكه من دماء في حق العراقيين والأكراد وأهلنا بالكويت!!
فعلا اعتقد انه كان محقا! ، وفعلا متأكد أن كل هذه الدماء في رقبته ، وسيحاسب عليها أمام رب العالمين .
وكم رفعت رأسي لكوني عربيا مؤيدا صدام حين قصف اسرائيل ، وحين كان أول شروطه للانسحاب من الكويت هو انسحاب إسرائيل من فلسطين ، وكم أعجبت به لمواقفه ضد الأمريكان ، وكم حزنت على تحالفه مع الأمريكان في حرب السنين الثمانية ( إيران ) ،
وكم سمعت عنه وعن كبريائه وقوته ، وكم سمعت عن ظلمه وجبروته
ولكن .!!! أيضا كم بكيت وفاضت عيوني دمعا ودما على شنقه في صبيحة عيد الأضحى .
وحينما عرفت وقرأت بعض الأحاديث النبوية عن الخروج على الحاكم كما قال المصطفى صلوات الله وسلامه عليه (تَسْمَعُ وَتُطِيعُ للأميرِ ، وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مالك ، فَاسْمَعْ وَأَطِعْ ) و ( من أهان سلطان الله في الأرض أهانه الله ) ولو كان ظالما .
حينها عرفت وتأكدت بأن الوطن العربي ينهار وأيقنت تماما أننا على وشك السقوط .
ها هي ليبيا وما فعلته بالقذافي ( مع احتقاري لفكره وسياسته وكتابه الأخضر ذاك وإساءته لدين الإسلام و.و.و. ) وما أصبحت عليه الان ليبيا أرض الخير والنفط والغاز والرفاهية.
فليبيا قبل الثورة بيوم كان الشعب الليبي ينعم بالسلام والرفاهية والغنى الاكتفاء .. .. أصبحت على قتل ودم بعدما سمحت لحلف الناتو باحتلال أرضها بحجة تطهيرها من القذافي وأعوانه. فها هي خاوية على عروشها .
وها هي العراق وما باتت عليه من تفجيرات وحرب ضروس ما بين السنة والشيعة والأكراد وها هي محتلة من شرذمة قليلة تسمى داعش محتلة رسميا ولا يستطيع الجيش العراقي الجبار الذي صمد في وجه الأمريكان وانتصر على إيران أصبح جيشا ضعيفا يهرب من الميدان فقد كانت العراق كلها خيرات ويعمل بها جميع الجنسيات ويرزق منها الكل .. أما الآن : لا استطيع نطقها .. ( لك الله يا عراق )
وتلك هي اليمن فحاكمها كان إن لم يترك السلطة فكانت ستتركه هي ولكن كانت مسألة وقت أما الان وما صار فيها من تمزق وانشقاقات ، وأصبح الحوثيون يحكمون ويختارون الحكومة يعبثوا في أمن اليمن السعيد .
وهذه هي الآن سوريا وما انتهت عليه من احتضان للجماعات الإرهابية وانشقاقات في صفوف الجيش ، الجيش السوري العظيم جيش الشام أصبح يقاتل مائة جبهة وجبهة فسوريا كانت قد بدأت تسير على أول الطريق في التنمية والديمقراطية عكس ما كانت في عهد حافظ الأسد الرئيس الراحل فقد بدأ الوضع يتغير نعم قليلا وبطيئا ولكن بدأ عصر الحرية وليس عصر الخراب والتدمير والانشقاقات
وتونس الخضراء وما أصبحت فيه ، حكومتها ( إخوان ) برلمانها ( إخوان ) من يتكلم يتم اغتياله من يعارضهم يتم تكميم فاه.
وما نراه في أم الدنا مصر حاليا ، مصر بلد الأمن والأمان ، أصبح ليس بها أمان ، امتلأت بالتفجيرات في كل مكان . يتساقط جنودها ( خير أجناد الأرض ) من تفجيرات الجماعة الإرهابية شهيدا تلو شهيد ، أصبحت في تخبط شديد اقتصاديا وسياسيا.
فقد نهى رسولنا الكريم بشأن الخروج على الحاكم كي لا تعم الفوضى البلاد حتى لو كان حاكم ظالم ، فله رب يقتص منه أما نحن الشعوب فعلينا الطاعة طالما لم يأمرنا بشيء يخالف دين الإسلام ، أيباع الأمن والأمان بكنوز الأرض ؟ لا والله لا يباع. لكن يشترى بالدماء ويشترى بكل غالي ونفيس
فكل البلاد التي قامت بها الثورات كانت آمنه مستقرة ( ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾ ) فآتاها بأس رب العباد وسادت فيها الفوضى وعم فيها الخراب وأصبح لون الدم طبيعيا عاديا لا يؤرق العين وأصبح القتل والموت هينا
فهذا ما أوصلتنا إليه الثورات والخروج على الحكام وإسقاط الأنظمة حتى ولو كانت ظالمة وباطشة ولكن لم تتحلى الشعوب بالصبر حتى يأتي أمر الله .
* مدير الرائدية ديزاين