الطبلة المُدوية
بقلم / مجدي غرسان
قبل الحديث :
أهلا بالجميع ... طابت جمعتكم بكل خير ونحن نعيش هذه الأيام بانتظار الأخبار السارة والمفرحة لإخواننا في عاصفة الحزم والتي يعلم بعضنا عنها وبالطبع أعرفها إلا أن إعلانها بصفة رسمية هو الأفضل والأجمل .
كفى أن نجعل من الأغبياء مشاهير ، هكذا ترجمة المقولة الإنجليزية (stop making stupid people famous )
الإنصات لمن يتحدث هو أمر في غاية الأهمية ويدل على رقي الشخص في تفكيره ، إلا أنه بات من الضروري توضيح سوء ظاهرة أن تعبر عن رأيك في كل أمر ، أن تعبر لمجرد أن تتحدث , هذا الأمر مزعج لكل من حولك ولن تكون بمنأى عن الحمقى والصعاليك الذين يقطنون المدن الكبرى من السياسة والأعمال والاقتصاد شكلا وليس مضمونا . يجب أن تحدد هويتك الثقافية والفكرية ولا تكن مذياع يضج بأصوات اتسمت بالقبح والسطحية وعدم الحياد .
هناك الكثير من الذين يعذبهم الغرور والشعور بالنقص تجاه الوجود المجتمعي فيسعون باحثين عن إبداء الرأي في كل صغيرة وكبيرة , دون احترام لتلك النخب المتخصصة مثلا أو احترام الذوق العام وطبقات المجتمع الفكرية والعقلية . لا أعلم لماذا يؤمن هؤلاء الأشخاص بحتمية أن يتكلموا في كل حدث أكثر من مرة على مدار اليوم بل والساعة . هل أثارة الغبار والضجيج كتنظيفه ! هل يعتقدون أنهم سيخاطبون الجماهير يوما من الميادين العالمية والمنابر المعروفة .
الانسان الناضج هو الذي يتحدث فقط فيما يعنيه وما يُعرف عنه اهتمامه به . أما عدا ذلك فلا يعتبر إلا سذاجة وبضاعة إعلامية رخيصة . إن فن التعبير عن الرأي القلة من يجيده ويمر منه بسلام دون أن يحدث الكثير من الأمور التي يساء فهمها سواء على المستوى العام أو الشخصي .
وكما يقال ( الذي يريد أن يكون بطلا على المسرح لا يجب أن يفكر في لعب دور الجوقة ) بل لا يجب عليه أن يعرف كيف يعبر عن رأيه جماعة مع الاخرين ، للأسف الكثير من السطحيين بمجرد إذاعة خبر أو برنامج أو حوار , ينطلق ليبربر على عقول الناس حول ما يراه وما كان يعتقده وما هو الصحيح والخطأ ونوع آخر يحرصون على نشر الصور والفيديوهات والمقاطع ، وحين تنظر إلى محتواه تجده خاوي إلا من الهراء .
مهما يكن لا تستحق كل أوضاعنا السياسية والاجتماعية والثقافية في الوقت الراهن أن ننشغل بها قبل تطوير أنفسنا وأفكارنا ومنطقنا ، التنظير لم يعد حلاَ , فالبقاء للأقوى والقوة هي بالمعرفة .
خارج النص :
هناك قلوب تختبئ في أحلامها ، على أمل أن لا تصادف خذلاناَ في يوم من الأيام .
ما بعد الكلام :
أيها الواهم في أنك الوطني الوحيد , والبار الوحيد ، لتعلم أن الطبلة المُدوية قد تصل بك إلى منزلق , إذا لم تكن تعرف الشخص الذي تتحدث معه فلا تستمر في حماقة المزايدة فالوطنية ليست بوضع صورة مسؤول على معرف وهمي وجلد الذات جلداَ متطرفاَ حتى يقرأها الخفير فتصل للوزير فتظن أنك بذلك أصبحت أمير . حب الوطن أسمى من ترديد أغنية أو الخروج في يومه كنوع من النزهة . حب الوطن هو ما يفعله الأبطال اليوم في الداخل وعلى الحدود حتى تعيش بسلام وتكتب للعامة من غرفة نومك بأمان.
* كاتب