[CENTER][COLOR=#050500][B][SIZE=5][FONT=Arial]
[SIZE=7][COLOR=#083AB3] الطريق إلى الصدارة [/COLOR]
[/SIZE]
[RIGHT][COLOR=#AD2102]بقلم : أ- نوره آل فاضل *[/COLOR]
[/RIGHT]
لقد اتسعت اللغة العربية لمختلف الحضارات التي اتصلت بها بعد الإسلام كالفارسية واليونانية والهندية والتركية حتى أصبحت حضارة واحدة تمتد من الصين شرقا وحتى جنوب أوروبا ، يجمعها الإسلام برؤيته الإنسانية الخالصة لأول مرّة في التاريخ، لذا نجد اقتران اللغة العربية بالقرآن الكريم قد جعل منها لغة عالمية، و ذلك لارتباطها الوثيق بالدين الإسلامي و القرآن الكريم، فقد اصطفى الله هذه اللغة من بين لغات العالم لتكون لغة كتابه العظيم و لتنزل بها الرسالة الخاتمة {إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون}، و من هذا المنطلق ندرك عميق الصلة بين العربية و الإسلام، كما نجد تلك العلاقة على لسان العديد من العلماء ومنهم ابن تيمية حين قال: " معلوم أن تعلم العربية و تعليم العربية فرضٌ على الكفاية ". ، ويقول الإمام الشافعي في معرض حديثه عن الابتداع في الدين " ما جهل الناس، ولا اختلفوا إلا لتركهم لسان العرب "، وقال الحسن البصري - رحمه الله- في المبتدعة " أهلكتهم العجمة ". من هنا أصبحت اللغة العربية هي المفتاح إلى الثقافة الإسلامية و العربية، ذلك أنها تتيح لمتعلمها الاطلاع على كم حضاري و فكري لأمّة تربّعت على عرش الدنيا عدّة قرون، وخلّفت إرثاً حضارياً ضخما في مختلف الفنون و شتى العلوم ومما يبرز جمال العربية وجاذبيتها النابعة من عوامل ذاتيه كامنة فيها حرص الأعاجم الذين دخلوا الإسلام في المشاركة في عبء شرح قواعد العربية وآدابها للآخرين فكانوا علماء النحو والصرف والبلاغة بفنونها الثلاثة : المعاني ، والبيان ، والبديع من مثل ( سيبويه ) و ( ابن جني ) ، ولعل هذا من أبرز العوامل التي يجب أن تدعونا للاعتزاز بلغتنا الأم والسعي لإعادتها إلى مركز الصدارة كما كانت في سالف عهودها .
وبما أن اللغة من أفضل السبل لتمييز شخصية أمتنا الإسلامية ، وهي الأداة التي سجلت منذ أبعد العهود أفكارنا وأحاسيسنا، وحلقة الوصل التي تربط الماضي بالحاضر بالمستقبل، كانت عبر التاريخ مسايرة لشخصية الأمة العربية، تقوى إذا قويت، وتضعف إذا ضعفت.
إن المتتبع لمسيرة العربية عبر التاريخ في عصوره المختلفة سيجد اللغة قد مرت بعصور مختلفة من الضعف والقوة لكنها ثبتت في وجه كل الرياح التي هدفت لاقتلاعها لكننا اليوم أمام عوامل هدم جديدة تهب علينا رياحها من جديد وتسعى لتقويض بناء اللغة العربية التي تماسكت قرونا ومن هذه العوامل على سبيل المثال لا الحصر الاتصال الواسع بين شعوبنا والشعوب الأخرى عن طريق الابتعاث للتعليم لديهم ، و الثورة التقنية التي وسعت حلقة التواصل الإليكتروني والذي انتج لغة ضعيفة يظهر فيها تساهل كبير في قواعد اللغة النحوية والإملائية وخلطا عجيبا بينها وبين اللهجات مما شكل وجعاً جديدا ترزح تحته الأمة مع أوجاعها الكثيرة في هذا العصر لكنها أيضا لفتت انتباه الغيورين والأصلاء إلى ضرورة الحفاظ على لغة القرآن وحمايتها من الذوبان في معمعة اللغات الهشة المتهافتة ومن هنا أطلقت وزارة التربية والتعليم في المملكة العربية السعودية حملتها المضادة لهدم اللغة العربية بعنوان ( اعتماد اللغة العربية الفصحى لغة الخطاب والتخاطب المدرسي ) لتنفذ بآلية صارمة ودقيقة على جميع منسوبي ومنسوبات وزارة التربية مما يدل على عميق إدراكها أن النشء هم الأساس الذي سوف يحمل البناء اللغوي القوي ليمرره للأجيال القادمة عبر الإبداع اللغوي وأن المعلمين هم حملة هذه الرسالة وحماتها .
هذه الإرادة الجادة من الوزارة والتي تواكب رؤية صادقة بتمكين لغة القرآن من العودة إلى المراكز الأولى بين لغات العالم لابد من أن تجد لها استجابة وصدى في النفوس والقلوب وعلى الألسن ولكن حين تدعمها الجهود الصادقة المتكاتفة من المسؤولين والمربين المتطلعين إلى أجيال مبدعة معتزة بأصالتها غير معزولة عن التنوع الحضاري العالمي .
[COLOR=#C00F04][RIGHT]* مشرفة تربوية [/RIGHT]
[/COLOR]
[/FONT][/SIZE][/B][/COLOR][/CENTER]