إنهم يقتلون الورد
بقلم / هدى راغب *
كم من مرة كنت أسير في هذا الشارع ، فأراه يلوح لي من أمام النافذة فرحا ألقا جميلا ، فيلمس وجهي عبيره ، وتلفني نسماته وتأخذني عبر حلم جميل ، فأتذكر. أول وردة أهديت إياها ، وأتذكر كم كانت اوراقها اليابسة في يدي بعد مرور سنوات عليها كأنها صفحات كتاب يروي قصة الأمس ، وأتذكر حيث روعة التذكر ، وألم الحنين ، وسرعان ما أعود بنظري إلى النافذة فأرى ملامح باهتة تتوارى خلفها ، كلما نظرت إليها كأنها تحمل لي عتب السنين ، شيء ما يشدني إلى تلك النافذة ، شيء ما يدفعني إلى تلمس تلك الملامح ، وكأني بالورود قد سمعت صوت مشاعري وأنين كلماتي ، وفي الطريق وعيناي متعلقتان بنافذة الأمل ، أرى أمامي تلك الملامح التي كنت أراها سرابا من بعيد ، نعم إنها هي ولكن كأنما أزاحت عليها السنوات ركاما من العمر الذي مر ، أراني وسط هذا الركام في حلم بعيد يدعوني للماضي تارة ويدفعني بقوة لأرى الواقع أمامي يعاتبني أين كنت ؟ فلا جواب ، كنت في رحلة طويلة حيث لا اختيار ولا انتظار ، تطويني الأيام والسنون ، لا أعرف كم مضى منها كل ما أتذكره أنها رحلة عبر شطوط العقل ، عشت الحكمة والفكرة ، ونسيت كل شيء إلا الذكرى وهاهي اليوم أمامي تهديني باقة الورد علها تعيدني إلى محرابي القديم ، هذه هي وروودك الحمراء ، لم أكف عن الاهتمام بها منذ رحلت عنها ، أحافظ عليها ، أسقيها بكلماتي الحزينة علها تُعيدك إلي وها أنت عدت ، خذيها إنها تناديك ، فنظرت إليها فإذا هي تلك الملامح الباهتة الشاحبة التي كانت تطل من خلف النافذة إنها هي!!!!!!!!!! ياللألم لم تعد تلك الوروود الجميلة التي كنت أنتظرها على بابي كل يوم ، لم تعد أوراقها تلمع بقطرات الشوق واللهفة بل شحبت أوراقها. وجفت عيدانها وقتلت في يد مهديها وأطرقت برأسي وأكملت طريقي وماعدت أنظر لتلك النافذة ولا أعبر ذاك الشارع الذي شهد مقتل ورودي