قبس التنزيل من هدايات الزهراوان سورتي البقرة وآل عمران ( 1)
بقلم الأستاذة / مضاوي القويضي *
سورتان من القرآن الكريم تحاجان صاحبهما يوم القيامة البقرة وآل عمران
1. عنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَان رضي الله عنه قَاْلَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه و سلم يَقُولُ :
( يُؤْتَى بِالْقُرآنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَهْلِهِ الَّذِينَ كَانُواْ يَعْمَلُونَ بِهِ تَقْدُمُهُ سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ – وَضَرَبَ لَهُمَا رَسُولُ اللهِ r ثَلاَثَةَ أَمْثَالٍ مَا نَسِيتُهُنَّ بَعْدُ قَاْلَ - كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ ، أَوْ ظُلَّتَانِ سَوْدَاوَانِ بَيْنَهُمَا شَرْقٌ ، أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِن طَيْرٍ صَوَّافِ تُحَاجَّانِ عَن صَاحِبِهِمَا ) رواه مسلم.
تصور أن هاتين السورتين الكريمتين تدافعان عنك يوم القيامة افلا تتعاهدهما بالتدبر ومزيد التأمل في كل مرة تتلوهما؟! ولكل من أراد البركة في حياته والنجاة من الحسرات والسحر فعليه بالبقرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « اقرؤوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة» (مسلم: 804)، والبطلة: هم السحرة. فعليه بالبقرة إذن فالحل هو العودة الجادة لكتاب الله للخلاص من مشكلات العصر النفسية فهو الشفاء من كل داء وفيه راحة النفس وغذاء الروح
( ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ )
البقرة (2)[
وقوله { ذَلِكَ الْكِتَابُ } أي هذا الكتاب العظيم الذي هو الكتاب على الحقيقة, المشتمل على ما لم تشتمل عليه كتب المتقدمين والمتأخرين من العلم العظيم, والحق المبين. فـ { لَا رَيْبَ فِيهِ } ولا شك بوجه من الوجوه، ونفي الريب عنه, يستلزم ضده, إذ ضد الريب والشك اليقين، فهذا الكتاب مشتمل على علم اليقين المزيل للشك والريب. وهذه قاعدة مفيدة, أن النفي المقصود به المدح, لا بد أن يكون متضمنا لضدة, وهو الكمال, لأن النفي عدم, والعدم المحض, لا مدح فيه. فلما اشتمل على اليقين وكانت الهداية لا تحصل إلا باليقين قال: { هُدًى لِلْمُتَّقِينَ } والهدى: ما تحصل به الهداية من الضلالة والشبه، وما به الهداية إلى سلوك الطرق النافعة. وقال { هُدًى } وحذف المعمول, فلم يقل هدى للمصلحة الفلانية, ولا للشيء الفلاني, لإرادة العموم, وأنه هدى لجميع مصالح الدارين، فهو مرشد للعباد في المسائل الأصولية والفروعية , ومبين للحق من الباطل, والصحيح من الضعيف, ومبين لهم كيف يسلكون الطرق النافعة لهم, في دنياهم وأخراهم. وقال في موضع آخر: { هُدًى لِلنَّاسِ } فعمم. وفي هذا الموضع وغيره { هُدًى لِلْمُتَّقِينَ } لأنه في نفسه هدى لجميع الخلق . فالأشقياء لم يرفعوا به رأسا. ولم يقبلوا هدى الله, فقامت عليهم به الحجة, ولم ينتفعوا به لشقائهم، وأما المتقون الذين أتوا بالسبب الأكبر, لحصول الهداية, وهو التقوى التي حقيقتها: اتخاذ ما يقي سخط الله وعذابه, بامتثال أوامره, واجتناب النواهي, فاهتدوا به, وانتفعوا غاية الانتفاع. قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا } فالمتقون هم المنتفعون بالآيات القرآنية, والآيات الكونية. ولأن الهداية نوعان: هداية البيان, وهداية التوفيق. فالمتقون حصلت لهم الهدايتان, وغيرهم لم تحصل لهم هداية التوفيق. وهداية البيان بدون توفيق للعمل بها, ليست هداية حقيقية [تامة].}[تفسير السعدي] ﴿رَبَّنا لا تُزِغ قُلوبَنا بَعدَ إِذ هَدَيتَنا وَهَب لَنا مِن لَدُنكَ رَحمَةً إِنَّكَ أَنتَ الوَهّابُ﴾
: 8]وهؤلاء الراسخون يقولون: ربنا لا تُمِل قلوبنا عن الحق بعد أن هديتنا إليه، وسلِّمنا مما أصاب المنحرفين المائلين عن الحق، وهب لنا رحمة واسعة من عندك تهدي بها قلوبنا، وتعصمنا بها من الضلال، إنك - يا ربنا - الوهاب كثير العطاء.
- المختصر في التفسير
فلاجرم أن العودة إلى معين كتاب الله الصافي
الاهتداء بهداه والاستنارة بنوره والتحاكم إلى ما شرعه الله فيه هو العلاج الأمثل لما اعترى الأمة من أدواء وهل سبيل الرشاد وطريق الهداية ومنهاح السداد ودرب الفلاح لهذه الأمة
* بكالوريوس آداب دراسات الإسلامية ، باحثة ماجستير في القرآن الكريم و علومه
1 ping