قص ذيل السمكة
بقلم الأستاذ / عبدالله العنزي *
لم تكن التكنلوجيا التي نعيشها بهذا الزمن متوفرة لدى أجدادنا ورغم هذا كله كانوا يعملون على التكييف وصناعة ما يلزمهم بأبسط الوسائل البدائية وكانت تؤدي الغرض سواء عند سكان البادية أو الحاضرة بل أبهرت هذه الأعمال الكثير من الرحالة والمستشرقين اللذين أشاروا لذلك في عدد من مؤلفاتهم ، فاعتمدوا بصناعتهم على الإمكانيات المتوفرة لديهم والتي يمكن الحصول عليها من البيئة التي يعيشون بها ، ورغم أن تلك البدائيات لم تكن تكلف الكثير إلا أنها ذات جودة عالية ، فالمرأة بالبادية كانت تقوم بخياطة بيت الشعر بعد أن تقوم بعمل الخيوط من صوف الأغنام وشعر الماعز ووبر الإبل عن طريق الغزل ثم تتم عملية النسج ، وكذلك صناعة أكياس من الصوف مما يسمى ( العدل ) وصناعة مفروشاتها والأغطية من الصوف أو القطن بل إنها تقوم بعملية تدوير لبعض ما يتلف من أثاث لتستغله في مكان ما لغرض آخر رغم ان ذلك يكون متوفر بأسواق القرى إلا أنها تفضل صناعتها بيدها بإتقان ومهارة وهو ما يسمى بزمننا هذا بالمرونة الشخصية ، بالإضافة إلي عملية صناعة الطعام وحفظها لفترات طويلة بطرق فنيه دون أن تتلف في ظل عدم وجود وسائل التبريد ودرجات الحرارة العالية ، مثل عمليات التجفيف وما يسمى بالشقاق حسب ما سمعت من أحد كبار السن وكان إنتاج بعض سيدات هذه المنازل يشكل مدخل مادي كبير وقد دار نقاش بيني وبين الدكتور : محمد خضر متخصص بمادة المرونة الشخصية بجامعة عين شمس بالقاهرة وأكد أن المرأة قبل مائة عام كانت منتجه ولها دور كبير بالمساهمة في حمل أعباء المنزل موضح أن المرأة العربية رغم صعوبة العيش كانت مكافحة ولها دورها الكبير واردف الخضر أن هناك بعض الدول العربية لا زالت بها المرأة تساهم في تخفيف العبء على رب الأسرة من خلال العمل بالزراعة أو القيام بعملية تصنيع بعض الأصناف الغذائية من منتوجاتهم الزراعية ، وعن المرونة أشار إلي أنه كانت هناك امرأة بالعصر الحديث كلما تقوم بطهي السمك تقص ذيل السمكة وكان زوجها معجب بطبخها وسألها ذات مرة لماذا تقومي بقص ذيل السمكة قالت لا أعلم وجدت أمي تفعل هذا و تعلمت منها ، وعند سؤال الأم قالت وجدت أمي تعمل هذا واستمريت عليه وعند سؤال الجدة عن هذا السر المتوارث قالت كان زوجي يحضر السمك وكان أكبر من إناء الطبخ وكنت أضطر لقطع ذيل السمكة لتدخل بالقدر وهو ما يسمى بهذا العصر بالمرونة الشخصية .
أما اليوم في ظل التطور الكبير فصار الاعتماد على الصناعات المستوردة بكل شيء حتى ان البعض لا يفكر بإصلاح ما يتلف وتغيرت الكثير من الأمور الحياتية الموكلة للمرأة والرجل وأوكلت لغير أهلها في شتى المجالات !!
* سفير نوايا حسنة سابق لمنظمة السلام الدولي والتنمية ، رئيس تحرير صحيفة الرائدية
2 pings