خطر المنافق ذو الوجهين في المجتمع
بقلم الأستاذة / البتول جمال التركي *
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "تَجِدُ مِنْ شَرِّ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ اللَّهِ ذَا) الْوَجْهَيْنِ الَّذِي يَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ وَهَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ ". رواه البخاري ومسلم وغيرهما .
فمن هو ذو الوجهين :
ذو الوجهين يبتسم في وجهك ويعطيك من حلاوة اللسان وكأنه يريد لك الخير والمصلحة وفي داخله فإنه يرسم حتفك على يديه بطريقةٍ لا تخلو من الخبث الذي يطعم في يدٍ عسلا وفي اليد الأخرى سماً قاتلا.
إن ذا الوجهين له ضرر عظيم على المجتمع وهو الذي يفسد كثيرا بين الناس وبين أهل الخصومات والمشاحنات عن طريق المدح الكاذب والتملق الفاجر والنميمة الفتاكة وتأجيج الفتن وقد جر ذلك ويلات على المجتمع
قَالَ النَّوَوِيُّ: "هُوَ الَّذِي يَأْتِي كُلّ طَائِفَةٍ بِمَا يُرْضِيهَا فَيُظْهِر لَهَا أَنَّهُ مِنْهَا وَمُخَالِف لِضِدِّهَا وَصَنِيعه نِفَاق وَمَحْض كَذِب وَخِدَاع وَتَحَيُّل عَلَى الِاطِّلَاع عَلَى أَسْرَار الطَّائِفَتَيْنِ وَهِيَ مُدَاهَنَة مُحَرَّمَة.
ويعتبر ذو الوجهين شر الناس
ذو الوجهين يعيش في المجتمع كالحرباء يتلون ألواناً وهذا الصنف من الناس فاقد الشخصية، مسلوب الكرامة، منافق، مخـادع، والنفاق دليل الضعف وفساد الطوية.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري بشرح صحيح البخاري: قال القرطبي: (إنما كان ذو الوجهين شرّ الناس لأَن حاله حال المنافق إذ هو متملق بالباطل وبالكذب مُدْخِلٌ للفساد بين الناس.(
فما هي عقوبة ذو الوجهين في الآخرة ؟
قال رسول الله ( من كان له وجهان في الدنيا كان له يوم القيامة لسانان من نار).
وذو الوجهين يَتلقاك بالبشاشة، ويتظاهر أمامك بأنه الصديق الوفيُّ الذي يفرح لفرحك، ويحزن لحزنك ويَسعد بسعادتك، وهو مخادعك بأقوالهُ المعسولة، فتخرج له ما في نفسك، وتُفَرِجُ عن نفسك بحديثٍ ساخط على هذا الخصم، فيتظاهرُ أَمامك ببغضه وبقطيعتِه، فإذا ما انفرط اجتِماعكما أسرع إلى خَصمك، فأظهر له مثل ما أظهر لك، وعرف من أسراره ما عرف من أسرارك، وحمل عليك في مجلسه حملة الكاره لك، ونقل إليه ما سمع منك وزاد عليه حديثاً افتراه…. فماذا تكون العاقبة؟ إنه ألهبَ ما بينكما من جَفاءٍ وخُصومةٍ ، وصَوَّر كُلاًّ منكما للآخر وَحشا كاسِراً يتوثب للافتراس، فيغالي كلٌّ منكما في جهله وعدوانه، وتتسابقان في وسائل الانتقام.
ذو الوجهين يكون يوما لك الصديق , ويوما تراه يحرض عليك من حواليك ليثير الفتن
وهو يظن بأن تصرفاته قد أقنعت عقول من يخالطونهم من الناس بأنهم ذو اخلاق رفيعه ..
وهم ذئاب بشريه وثعالب ..
وقد قال علي بن ابي طالب في قصيدته المشهورة :
لا خير في ود امرئ متملق
حلو اللسان وقلبه يتلهب
يلقاك يحلف انه بك واثق
واذا توارى منك فهو العقرب
يعطيك من طرف اللسان حلاوة
ويروغ منك كما يروغ الثعلب
والمؤمن الحق لا يطبع قلبه على التلون والنفاق والكذب بل يكون على صفة ثابتة ومبدأ واضح وموقف لا يتغير ولا يتبدل لأجل عرض الدنيا ولا يضمر السوء لأحد بل يفصح عن مشاعره الصادقة بدون مداهنة أو تلوين بالمواقف .
* مديرة تحفيظ القرآن الكريم ، بكالوريوس دراسات إسلامية ، محاضرة وكاتبة ، مدرب معتمد في الموارد البشرية.