العنف والجريمة وتأثيرها على الصحة والرفاهية
بقلم : د. وليد بن عفنان التميمي *
لم تكن مفرده عنف وصحة في الزمن الماضي تأتي في سياق واحد إلا نادرا ، أما الآن بات جليا أن العنف والجريمة لها تأثير كبير على الصحة والرفاهية. لكل من الضحايا والمشاهدين وأسرهم على نطاق أكبر.
هذا وقد يمتد تأثيره على الضحايا لفترة طويلة الأمد. إن الذين يتعرضون للعنف في وقت مبكر من عمرهم هم أكثر احتمالية للاستمرار في دائرة العنف والسلوكيات المضرة بالصحة كتعاطي المخدرات والسلوكيات المنحرفة ، إضافة إلى أمراض مزمنة في الحياة .
لذا فالارتباط مضاعف عندما نكتشف أن اهتمام الصحة العامة بتغيير سلوكيات المجتمع باستطاعته أن يقلل من أمراض كثيرة كالسكري ، ضغط الدم وأمراض أخرى.
العنف هو تعبير عن القوه الجسدية التي تصدر ضد النفس أو ضد أي شخص آخر بصورة متعمدة أو إرغام الفرد على الإتيان بهذا الفعل نتيجة لشعوره بالألم بسبب ما تعرض له من أذى وقد لا يقتصر على العنف البدني ، فقد يظهر بصور أخرى .
وتفيد الدراسات أن العنف يزيد ستة أضعاف كلما ازداد الحرمان . ويمكن تجنبه عند الوفاء بالاحتياجات الأساسية للإنسان ، والاستمرار بذلك.
تركز الصحة العامة على سلامة ورفاه المجتمع بأكمله ومن ضمن الأهداف لحقل الصحة العامة أنها تسعى جاهدة لتوفير الخدمات ليستفيد منها أكبر عدد من الناس. وهي تستند بذلك على قاعدة علميه متعددة التخصصات بما في ذلك الطب وعلم الأوبئة وعلم الاجتماع وعلم النفس وعلم الجريمة والتعليم والاقتصاد . وهذا ما سمح لها الاستجابة لمجموعة من الظروف الصحية.
نهجنا في الصحة العامة لمكافحة العنف عبارة عن عملية من أربع خطوات ويمكن أن تطبق على العنف أو أي مشكلة أخرى :
الأولى : تحديد ورصد المشكلة بفهم ( من ، ماذا ، متى ، أين ، كيف ) المرتبطة به .
إن استيعاب حجم المشكلة ينطوي على تحليل البيانات مثل عدد من السلوكيات المرتبطة بالعنف والإصابات والوفيات . يمكن أن تظهر البيانات "كيف" في كثير من الاحيان حيث العنف والاتجاهات والضحايا والجناة.
الثاني’ : بتحديد المخاطر والعوامل الوقائية.
حيث عامل الخطر هو الخصائص التي تزيد من احتمال وجود شخص أن يصبح ضحية أو عنيف . وبذلك تصبح الوقاية هي بكيفية التقليل من احتمال أن يصبح الشخص ضحية أو مرتكب للعنف بتوفير منطقة عازلة ضد المخاطر.
الثالثة : بتطوير واختبار استراتيجيات الوقاية.
من خلال بيانات البحوث والنتائج المستخلصة من عمليات تقييم الاحتياجات والدراسات الاستقصائية للمجتمع ومقابلات المسؤولين . لتقييم برامج الوقاية القائمة على الأدلة والبراهين. عند تنفيذ هذه البرامج يتم تقييمها لتحديد فعاليتها.
الرابعة : عندما تثبت هذه البرامج فعاليتها فإنها يجب أن تنفذ وتعمم بشكل أوسع وتشجيع المجتمعات المحلية والأسر على تنفيذها .
إن احساس الضحية بأن المجتمع تخلى عنه احساس مقيت يجب أن لا يشعر به ، مذكرا بأن تقمص دور الضحية كمرض هستيري يجب علاجه. أضف إلى ذلك أن العنيف عليه أن يتدرب على ضبط النفس. وكما قال ابن القيم :
" وهو الرفيق يحب أهل الرفق .. يعطيهم بالرفق فوق أمان " .
* اختصاصي طب المجتمع والصحة العامة