السياحة الداخلية
بقلم الدكتورة / سعاد عابد المولد *
يأتي الصيف وهو إجازة عند أغلب السكان من طلاب ومعلمين وأيضاً الموظفين ممن توافق إجازتهم السنوية وقت الصيف ، ثم يبدأ معها التفكير في الوِجهات السياحية على اعتبار ان هذا الوقت للراحة والاستجمام والاستمتاع، و للأسف أن ثقافة السياحة لدينا لازالت ضعيفة وقد لا يُستفاد من الإجازة كما ينبغي فالبعض لا يوجد لديهم تخطيط وإن وجد يكون متأخرا.
ما الخيارات المتاحة لأغلبية الشعب؟ إذا استثنينا الأثرياء (فهم يستطيعون الذهاب حيث شاؤوا ) ، إذًا بقي لدينا الطبقة المتوسطة وما دونها، السياحة لدينا تأخذ عدة أشكال:
( السياحة الدينية ، السياحة البيئية ، سياحة التسوق ... وغيرها )
والأغلب لدينا هي السياحة الدينية نظرا لوجود المسجد الحرام والمسجد النبوي في مكة المكرمة والمدينة المنورة بالإضافة لوجود المشاعر المقدسة لمن أراد الحج وهي في مجملها تمثل عائد اقتصادي كبير للبلد وأيضا تشهد تطورات متنامية في الخدمات المقدمة سنوياً فجزى الله حكومتنا خيرا على هذا الجهد في خدمة ضيوف الرحمن.
ثم تأتي سياحة التسوق على اعتبار مدخولاتها السنوية في فترة الأعياد والمناسبات وتأتي متماشية نوعا ما مع الأسواق العالمية.
أما السياحة البيئية وهي التي تعنى بالاستجمام والراحة وتكون بزيارة المدن الساحلية للاستمتاع بالبحر أو المدن الجبلية للاستمتاع بالطبيعة الخضراء والأجواء الباردة والمعتدلة صيفاً فهي لازالت تخطوا خطوات بطيئة وضعيفة مقارنة بغيرها من الأشكال السياحية، فهي غالبا تتوزع بين المتنزهات والمولات والمطاعم والعاب الأطفال، والمؤسف أن البعض قد لا يعرف الأماكن السياحية التي من الممكن التوجه لها.
لدينا عدة مشاكل تعيق تطور السياحة خاصة البيئية على اعتبار أنها تشمل جميع مناطق المملكة:
١- ضعف شبكة التنقل خاصة البرية ، فالطرقات ما بين المدن غير مؤهلة ولا يوجد خدمات جيدة على الطرق ولا زالت تحتاج إلى إصلاح كبير وتهيئة، إما داخل المدن فإصلاحات الطرق أخذت حيزاً كبيراً وأحدثت زحاماً شديداً قد يثنيك عن الذهاب لتلك المدينة.
اقترح وضع كُتيبات الكترونية لكل مدينة ( لسهولة الحصول عليها ) توضح الأماكن السياحية والفنادق وأسعارها كنا تضم خريطة تحدث دورياً عن الطرق داخل المدن وخارجها وتحتوي على معلومات عن الإصلاحات القائمة في المدن.
٢-ارتفاع أسعار الشقق السكنية والفنادق مع تدني الخدمات المقدمة مقارنة بغيرها في الدول الأخرى، نريد تحديد الأسعار ومراقبتها وفرض توفير الحد الأدنى على الأقل من الخدمات .
٣-افتقادنا للتعريف بالمناطق السياحية الأثرية داخل المملكة بالإضافة إلى ضعف الخدمات المقدمة، لذا وجب التعريف بالمناطق السياحية الأثرية وأماكن تواجدها وكيفية الوصول لها والخدمات الموجودة بها، لقد تم اعتماد عدة من المواقع التراثية من منظمة الأمم المتحدة للعلوم التراثية والثقافية:
٢٠٠٨ اعتمد موقع مدائن صالح (الحِِجر) كمرقع تراث عالمي، ٢٠١٠ أُضيف موقع الدرعية،
٢٠١٤أُضيفت جدة التاريخية، ٢٠١٥ أُضيفت الفنون الصخرية في منطقة حائل، وغيرها الكثير مما لم يُضاف للآن فينبغي حصرها وتعريف الناس بها.
٤-قِلة الأنشطة المقامة وعدم وجود أنشطة تخدم فئة الشباب على وجه الخصوص إلا من بعض الأنشطة محدودة المدة، نريد أنشطة تدوم طوال العام وهذا من شأنه دعم قطاع السياحة كمورد اقتصادي جيد ويضمن لشبابنا ملء وقت فراغهم بما هو مُفيد.
٥-لا يوجد ترفيه بالمعنى الحقيقي ليدعم السياحة ، فالمدن الترفيهية لا تُقارن بمثيلاتها خارج الوطن بالإضافة إلى انها لا تخدم فئة الشباب.
٦-لا توجد برامج سياحية جيدة بالمعنى الحقيقي تُعنى بالتسويق للسياحة الداخلية.
لدينا كل المقومات لبناء قطاع سياحي جيد ، ومع رؤية المملكة ٢٠٣٠ أصبح لا عذر للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني للعمل مع الجهات الأخرى ذات العلاقة على تحسين وضع السياحة الداخلية حسب ما تقتضيه قوانين المملكة ، لتكون داعماً قوياً للاقتصاد الوطني و لتصبح متنفساً جيدا للأسرة السعودية ولمن قدم للمملكة خاصاً مع وجود الأمن والأمان ولله الحمد، والله ولي التوفيق
* طبيبة ، كاتبة
6 pings