قبس التنزيل من هدايات المئين والمثاني (2)
بقلم الأستاذة / مضاوي القويضي *
سأتناول اليوم شيئا من تدبر أواخر سورة هود وأوائل سورة يوسف وقد قال رسول الله صل اللهم وسلم عليه[شيبتني هود وأخواتها ] لما لهذه السور المئين والمثاني من فضل وفق ما ورد في تفسير السعدي رحمه اللّه تعالى {
( وَكُلًّا نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ۚ وَجَاءَكَ فِي هَٰذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ )
هود (120)
لما ذكر في هذه السورة من أخبار الأنبياء، ما ذكر، ذكر الحكمة في ذكر ذلك، فقال: { وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ْ} أي: قلبك ليطمئن ويثبت ويصبر كما صبر أولو العزم من الرسل، فإن النفوس تأنس بالاقتداء، وتنشط على الأعمال، وتريد المنافسة لغيرها, ويتأيد الحق بذكر شواهده، وكثرة من قام به.
{ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ ْ} السورة { الْحَقُّ ْ} اليقين، فلا شك فيه بوجه من الوجوه، فالعلم بذلك من العلم بالحق الذي هو أكبرو فضائل النفوس. {وموعظة وذكرى للمؤمنين} أي يتذكرون الأمور المكروهة فيرتدعون عنها ويتذكرون الأمور المحبوبة فيفعلونها.
وننتقل لتدبر الآية الثانية من سورة يوسف تلك السورة التي يتجلى بها بديع النظم القرآني وعظم السرد القصصي وبيان فضل اللغة العربية على سائر لغات الأرض يقول السعدي في تفسيره
( الر ۚ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ ) يوسف (1)
يخبر تعالى أن آيات القرآن هي { آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ ْ} أي: البين الواضحة ألفاظه ومعانيه.
( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) يوسف (2)
و من بيانه وإيضاحه: أنه أنزله باللسان العربي، أشرف الألسنة، وأبينها، [المبين لكل ما يحتاجه الناس من الحقائق النافعة ] وكل هذا الإيضاح والتبيين { لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ْ} أي: لتعقلوا حدوده وأصوله وفروعه، وأوامره ونواهيه.
فإذا عقلتم ذلك بإيقانكم واتصفت قلوبكم بمعرفتها، أثمر ذلك عمل الجوارح والانقياد إليه، و { لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ْ} أي: تزداد عقولكم بتكرر المعاني الشريفة العالية، على أذهانكم،. فتنتقلون من حال إلى أحوال أعلى منها وأكمل.
سبحان منزل الكتاب بلسان عربي مبين فيه منهاج حياة متكامل للحياة فيه أحسن القصص تدبره السعادة المطلقة وفي الاهتداء به الفلاح وفي الاحتكام إلى شرعه الرشاد أبدًا .
* بكالوريوس آداب دراسات الإسلامية ، باحثة ماجستير في القرآن الكريم و علومه