قبس التنزيل من هدايات المئين والمثاني (4)
بقلم الأستاذة / مضاوي القويضي *
بعون الله تعالى أتناول اليوم في هذا المقال تدبر سورتي إبراهيم و الحجر وفق ما ذكر في تفسير ي السعدي رحمه الله والمختصر في التفسير
( الر ۚ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَىٰ صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ) إبراهيم (1)
يخبر تعالى أنه أنزل كتابه على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم لنفع الخلق، ليخرج الناس من ظلمات الجهل والكفر والأخلاق السيئة وأنواع المعاصي إلى نور العلم والإيمان والأخلاق الحسنة، وقوله: { بِإِذْنِ رَبِّهِمْ } أي: لا يحصل منهم المراد المحبوب لله، إلا بإرادة من الله ومعونة، ففيه حث للعباد على الاستعانة بربهم.
ثم فسر النور الذي يهديهم إليه هذا الكتاب فقال: { إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ } أي: الموصل إليه وإلى دار كرامته، المشتمل على العلم بالحق والعمل به، وفي ذكر { العزيز الحميد } بعد ذكر الصراط الموصل إليه إشارة إلى أن من سلكه فهو عزيز بعز الله قوي ولو لم يكن له أنصار إلا الله، محمود في أموره، حسن العاقبة.
( وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ) إبراهيم (42)
هذا وعيد شديد للظالمين، وتسلية للمظلومين، يقول تعالى: { وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ } حيث أمهلهم وأدرَّ عليهم الأرزاق، وتركهم يتقلبون في البلاد آمنين مطمئنين، فليس في هذا ما يدل على حسن حالهم فإن الله يملي للظالم ويمهله ليزداد إثما، حتى إذا أخذه لم يفلته { وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد } والظلم -هاهنا- يشمل الظلم فيما بين العبد وربه وظلمه لعباد الله. { إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ } أي: لا تطرف من شدة ما ترى من الأهوال ..}
تفسير السعدي رحمه الله تعالى
وأنتقل الآن لتدبر آيات من السورة التي تلي سورة إبراهيم وهي سورة الحجر وفق ما ورد في المختصر في التفسير
﴿وَما خَلَقنَا السَّماواتِ وَالأَرضَ وَما بَينَهُما إِلّا بِالحَقِّ وَإِنَّ السّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصفَحِ الصَّفحَ الجَميلَ﴾ [ الحجر : 85]
وما خلقنا السماوات والأرض وما خلقنا ما بينهما باطلاً دون حكمة، ما خلقنا كل ذلك إلا بالحق، وإن الساعة لآتية لا مَحَالة، فأعرض - أيها الرسول - عن المكذبين بك، واعف عنهم عفوًا حسنًا.
- المختصر في التفسير
﴿فَسَبِّح بِحَمدِ رَبِّكَ وَكُن مِنَ السّاجِدينَ﴾ [ الحجر : 98]
فالجأ إلى الله بتنزيهه عما لا يليق به، والثناء عليه بصفات كماله، وكن من العابدين لله، المصلين له، ففي ذلك علاج لضيق صدرك.
- المختصر في التفسير
﴿وَاعبُد رَبَّكَ حَتّى يَأتِيَكَ اليَقينُ﴾ [ الحجر: 99]
وداوم على عبادة ربك، واستمرّ عليها ما دمت حيًّا حتى يأتيك الموت وأنت على ذلك.
- المختصر في التفسير
رب منزل الذكر الحكيم ذلك الكتاب لا ريب فيه إذ فيه إخبار بالغيبيات التي يتحتم على كل مسلم موحد الإيمان بها وفيه الأوامر التي يجب امتثالها والنواهي التي يلزم اجتنابها منهاج شامل لكل مناحي الحياة دستور عظيم متكامل من لدن عزيز حكيم هو السراج المنير والقبس الذي به نهتدي في حلكة ظلمات الجهل خير ما نزل من السماء وهو المؤنس في الحياة وغياهب الأجداث بعد الممات فالزموا أحكامه تسلموا وتنعموا بحياة هانئة سعيدة أبدا
* بكالوريوس آداب دراسات الإسلامية ، باحثة ماجستير في القرآن الكريم و علومه