سر الذكاء الروحي (١)
(1) The Secret of Spiritual Intelligence

بقلم / أ.د. بشرى إسماعيل *
الذكاء الروحي سر قوة انسان القرن الثاني والعشرون، إذ أن البقاء لا يكون للأقوى وللأعلى في الذكاء المعرفي، بل سيكون للأكثر امتلاكاً لمهارات الذكاء الروحى والتي تتمثل في: الفطنة والإيثار والتعاون والبهجة والمحبة والسلام والاصرار والمرونة والحماس والقوة والعطاء والاستقبال والاحسان والامتنان وفهم النفس والآخرين وادراك الصورة الكلية للحياة والكون.
ويقصد بالذكاء الروحي: القدرة على ممارسة الخير والحق والرحمة والجمال في حياتنا، وامتلاك موهبة حدسية وادراك الصورة الكلية للعالم، وأهمية الحياة، والوعي بالأنا والذات، والالتزام بالقوانين الالهية كما جاءت في كتاب الله وسنته، والمهارة في استخدام ذلك من أجل تحقيق الأهداف وبلوغ الحياة وعيش حياة سعيدة هانئة.
وباختصار الذكاء الروحي هو القوة القادرة على تغيير الحياة في القرن ٢٢، بل وتغيير الحضارات ومسار الأمم، وسيطلق على القرن ٢٢( قرن الذكاء الروحي ). وخير دليل على ذلك الاهتمام العالمي بدراسته وإعداد البرامج لتنمية مهاراته لدى الانسان في كافة مراحله العمرية. فالبشر جوعى لكل ما يتعلق بغذاء الروح وتنميتها، بسبب ما يكتنف الحياة المعاصرة من إيقاع سريع وضغوط متنوعة تضعف كاهل الفرد وتجعله فريسة للمرض الجسمي والنفسي، وتقلل من قدرته على التحكم في نفسه أو البيئة من حوله. واذا فشلت العلاجات المختلفة الطبية والسلوكية والمعرفية وغيرها في علاج الكثير من الأمراض، إلا أن العلاج القائم على تنمية مهارات الذكاء الروحي سيكون هو العلاج الأكثر فعالية لها. فتنمية مهارات الذكاء الروحي لدى انسان القرن ٢٢ سيحقق له الانتصار على إعصار التشاؤم واليأس، وينجو بسفينته من بحر الظلمات إلى شاطئ النجاة والتألق والابداع المعرفي والانفعالي والاجتماعي والمهني والدراسي، وتوحد العالم بشتاته واجزاءه المهلهلة الهشة، إلى عالم قوي تشرق شمسه حباً وتملأ أبحاره وأنهاره الأمل والتفاؤل وتضاء سماءه روحياً بدلاً من الظلمة الروحية التى سادت القرون السابقة. فالعالم قد مر بمراحل نمو متعددة اجتماعياً واقتصادياً وتكنولوجياً، والآن يمر بمرحلة النمو الروحي التي توقظ أفراده من سباتهم، ويصبحوا قادرين ليس فقط على تغيير أنفسهم بل تغيير التاريخ والحضارة ويرسمون خريطة جديدة للعالم بل وللكون بأكمله، إذ أن كل انسان يولد ولديه قدرات روحية عليه الاهتمام بها وتنميتها اهتمام من سيموت غداً، وهذا هو سر الذكاء الروحي أو البوصلة الموجهة للحياة، والتي تمكن الفرد من الغوص في بحر الحياة، واكتشاف ما يدور في رحاها.

*   أستاذ علم النفس الارشادي ، كلية التربية - جامعة الملك خالد