قبس التنزيل من هدايات المئين والثاني (٦)
بقلم الأستاذة / مضاوي القويضي *
كنت قد تناولت في المقال السابق شيئا من تدبر سورتي النحل والإسراء والآن بعون الله تعالى أتناول في هذا المقال شيئا من تدبر سورتي الكهف ومريم وفق ماذكر في تفسير السعدي رحمه الله تعالى ووفق ماجاء في المختصر في التفسير
( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا ۜ )
الكهف (1)
الحمد لله هو الثناء عليه بصفاته، التي هي كلها صفات كمال، وبنعمه الظاهرة والباطنة، الدينية والدنيوية، وأجل نعمه على الإطلاق، إنزاله الكتاب العظيم على عبده ورسوله، محمد صلى الله عليه وسلم فحمد نفسه، وفي ضمنه إرشاد العباد ليحمدوه على إرسال الرسول إليهم، وإنزال الكتاب عليهم، ثم وصف هذا الكتاب بوصفين مشتملين، على أنه الكامل من جميع الوجوه، وهما نفي العوج عنه، وإثبات أنه قيم مستقيم، فنفي العوج يقتضي أنه ليس في أخباره كذب، ولا في أوامره ونواهيه ظلم ولا عبث، وإثبات الاستقامة، يقتضي أنه لا يخبر ولا يأمر إلا بأجل الإخبارات وهي الأخبار، التي تملأ القلوب معرفة وإيمانا وعقلا، كالإخبار بأسماء الله وصفاته وأفعاله، ومنها الغيوب المتقدمة والمتأخرة، وأن أوامره ونواهيه، تزكي النفوس، وتطهرها وتنميها وتكملها، لاشتمالها على كمال العدل والقسط، والإخلاص، والعبودية لله رب العالمين وحده لا شريك له. وحقيق بكتاب موصوف. بما ذكر، أن يحمد الله نفسه على إنزاله، وأن يتمدح إلى عباده به.
( قَيِّمًا لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِّن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا )
الكهف (2)
وقوله { لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ } أي: لينذر بهذا القرآن الكريم، عقابه الذي عنده، أي: قدره وقضاه، على من خالف أمره، وهذا يشمل عقاب الدنيا وعقاب الآخرة، وهذا أيضا، من نعمه أن خوف عباده، وأنذرهم ما يضرهم ويهلكهم.
كما قال تعالى -لما ذكر في هذا القرآن وصف النار- قال: { ذلك يخوف الله به عباده يا عباد فاتقون } فمن رحمته بعباده، أن قيض العقوبات الغليظة على من خالف أمره، وبينها لهم، وبين لهم الأسباب الموصلة إليها.
{ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا } أي: وأنزل الله على عبده الكتاب، ليبشر المؤمنين به، وبرسله وكتبه، الذين كمل إيمانهم، فأوجب لهم عمل الصالحات، وهي: الأعمال الصالحة، من واجب ومستحب، التي جمعت الإخلاص والمتابعة، { أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا } وهو الثواب الذي رتبه الله على الإيمان والعمل الصالح، وأعظمه وأجله، الفوز برضا الله ودخول الجنة، التي فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. وفي وصفه بالحسن، دلالة على أنه لا مكدر فيه ولا منغص بوجه من الوجوه، إذ لو وجد فيه شيء من ذلك لم يكن حسنه تاما.
( مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا )
الكهف (3)
ومع ذلك فهذا الأجر الحسن { مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا } لا يزول عنهم، ولا يزولون عنه، بل نعيمهم في كل وقت متزايد، وفي ذكر التبشير ما يقتضي ذكر الأعمال الموجبة للمبشر به، وهو أن هذا القرآن قد اشتمل على كل عمل صالح، موصل لما تستبشر به النفوس، وتفرح به الأرواح. ﴾ تفسير السعدي رحمه الله تعالى
والآن قبل الشروع في تدبر بعض آيات سورة مريم أذكر ماجاء في فضل سورة الكهف
من خلال تلك للأحاديث التي حكم الألباني رحمه الله تعالى وهو شيخ المحدثين بصحتها وفضل قراءتها يوم الجمعة
الأحاديث التي حكم عليها الشيخ الألباني بالصحة :
1 - " قراءة سورة الكهف في يوم الجمعة " صحيح , إرواء الغليل (626)
2 - " من قرأ سورة ( الكهف ) في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين " صحيح , صحيح الترغيب (736)
3 - " من قرأ سورة ( الكهف ) ليلة الجمعة، أضاء له من النور ما بينه وبين البيت العتيق " صحيح , صحيح الترغيب (736)
4 - " من قرأ سورة { الكهف } فى يوم الجمعة ، أضاء له النور ما بين الجمعتين " صحيح , صحيح الجامع (6470)
5 - " من قرأ سورة { الكهف } يوم الجمعة أضاء له النور ما بينه و بين البيت العتيق " صحيح , صحيح الجامع (6471)
6 - " من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة؛ أضاء له من النور ما بين الجمعتين " حسن , مشكاة المصابيح (2116)
=========
وأما ماجاء في خبر مريم عليها السلام
﴿وَاذكُر فِي الكِتابِ مَريَمَ إِذِ انتَبَذَت مِن أَهلِها مَكانًا شَرقِيًّا﴾
[Maryam: 16]
واذكر - أيها الرسول - في القرآن المنزل عليك خبر مريم عليها السلام إذ تنحّت عن أهلها، وانفردت بمكان على جهة الشرق منهم.
- المختصر في التفسير
﴿فَاتَّخَذَت مِن دونِهِم حِجابًا فَأَرسَلنا إِلَيها روحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَرًا سَوِيًّا﴾
[Maryam: 17]
فاتخذت لنفسها من دون قومها ساترًا يسترها حتى لا يروها حال عبادتها لربها، فبعثنا إليها جبريل عليه السلام، فتمثل لها في صورة إنسان سَوِيّ الخلقة، فخافت أنه يريدها بسوء.
- المختصر في التفسير
إلى أن قال تعالى :
﴿فَأَجاءَهَا المَخاضُ إِلى جِذعِ النَّخلَةِ قالَت يا لَيتَني مِتُّ قَبلَ هذا وَكُنتُ نَسيًا مَنسِيًّا﴾
[Maryam: 23]
فضربها المخاض، وألجأها إلى ساق نخلة، قالت مريم عليها السلام: يا ليتني متّ قبل هذا اليوم، وكنت شيئًا لا يُذْكَر حتى لا يُظَن بي السوء.
- المختصر في التفسير
﴿فَأَجاءَهَا المَخاضُ إِلى جِذعِ النَّخلَةِ قالَت يا لَيتَني مِتُّ قَبلَ هذا وَكُنتُ نَسيًا مَنسِيًّا﴾
[Maryam: 23]
فضربها المخاض، وألجأها إلى ساق نخلة، قالت مريم عليها السلام: يا ليتني متّ قبل هذا اليوم، وكنت شيئًا لا يُذْكَر حتى لا يُظَن بي السوء.
- المختصر في التفسير
﴿فَكُلي وَاشرَبي وَقَرّي عَينًا فَإِمّا تَرَيِنَّ مِنَ البَشَرِ أَحَدًا فَقولي إِنّي نَذَرتُ لِلرَّحمنِ صَومًا فَلَن أُكَلِّمَ اليَومَ إِنسِيًّا﴾
[Maryam: 26]
فكلي من الرطب، واشربي من الماء، وطيبي نفسًا بمولودك ولا تحزني، فإن رأيت من الناس أحدًا فسألك عن خبر المولود فقولي له: إني أوجبت على نفسي لربي صمتًا عن الكلام، فلن أكلم اليوم أحدًا من الناس.
- المختصر في التفسير
﴿يا أُختَ هارونَ ما كانَ أَبوكِ امرَأَ سَوءٍ وَما كانَت أُمُّكِ بَغِيًّا﴾
[Maryam: 28]
يا شبيهة هارون في العبادة (وهو رجل صالح) ما كان أبوك زانيًا، ولا كانت أمك زانية، فأنت من بيت طاهر معروف بالصلاح، فكيف تأتين بولد من غير أب؟!
- المختصر في التفسير
﴿قالَ إِنّي عَبدُ اللَّهِ آتانِيَ الكِتابَ وَجَعَلَني نَبِيًّا﴾
[Maryam: 30]
قال عيسى عليه السلام: إني عبد الله، أعطاني الإنجيل، وجعلني نبيًّا من أنبيائه.
- المختصر في التفسير
الحمد منزل للكتاب الخالد الذي لم يجعل له عوجا على خير البشر وصفوته من خلقه سيد ولد آدم محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم فيه العظات والعبر رسالة القرآن العظيم خير رسالة للبشرية تنقذها من ظلمات الكفر والجهل إلى نور الحق واليقين والإيمان فلله الحمد والثناء الحسن من قبل ومن بعد