قبس التنزيل من هدايات المئين و المثاني(٩)
بقلم الأستاذة / مضاوي القويضي *
سأتناول شيئا من تدبر سورتي النور والفرقان من تفسير السعدي رحمه الله تعالى و المختصر في التفسير
( سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ )
النور (1)
أي: هذه { سُورَةٌ ْ} عظيمة القدر { أَنْزَلْنَاهَا ْ} رحمة منا بالعباد، وحفظناها من كل شيطان { وَفَرَضْنَاهَا ْ} أي: قدرنا فيها ما قدرنا، من الحدود والشهادات وغيرها، { وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ْ} أي: أحكاما جليلة، وأوامر وزواجر، وحكما عظيمة { لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ْ} حين نبين لكم، ونعلمكم ما لم تكونوا تعلمون. ثم شرع في بيان تلك الأحكام المشار إليها
( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ )
النور (2)
هذا الحكم في الزاني والزانية البكرين، أنهما يجلد كل منهما مائة جلدة، وأما الثيب، فقد دلت السنة الصحيحة المشهورة، أن حده الرجم، ونهانا تعالى أن تأخذنا رأفة [بهما] في دين الله، تمنعنا من إقامة الحد عليهم، سواء رأفة طبيعية، أو لأجل قرابة أو صداقة أو غير ذلك، وأن الإيمان موجب لانتفاء هذه الرأفة المانعة من إقامة أمر الله، فرحمته حقيقة، بإقامة حد الله عليه، فنحن وإن رحمناه لجريان القدر عليه، فلا نرحمه من هذا الجانب، وأمر تعالى أن يحضر عذاب الزانيين طائفة، أي: جماعة من المؤمنين، ليشتهر ويحصل بذلك الخزي والارتداع، وليشاهدوا الحد فعلا، فإن مشاهدة أحكام الشرع بالفعل، مما يقوى بها العلم، ويستقر به الفهم، ويكون أقرب لإصابة الصواب، فلا يزاد فيه ولا ينقص، والله أعلم.
( الزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ۚ وَحُرِّمَ ذَٰلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ )
النور (3)
هذا بيان لرذيلة الزنا، وأنه يدنس عرض صاحبه، وعرض من قارنه ومازجه، ما لا يفعله بقية الذنوب، فأخبر أن الزاني لا يقدم على نكاحه من النساء، إلا أنثى زانية، تناسب حاله حالها، أو مشركة بالله، لا تؤمن ببعث ولا جزاء، ولا تلتزم أمر الله، والزانية كذلك، لا ينكحها إلا زان أو مشرك { وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ْ} أي: حرم عليهم أن ينكحوا زانيا، أو ينكحوا زانية.
ومعنى الآية: أن من اتصف بالزنا، من رجل أو امرأة، ولم يتب من ذلك، أن المقدم على نكاحه، مع تحريم الله لذلك، لا يخلو إما أن لا يكون ملتزما لحكم الله ورسوله، فذاك لا يكون إلا مشركا، وإما أن يكون ملتزما لحكم الله ورسوله، فأقدم على نكاحه مع علمه بزناه، فإن هذا النكاح زنا، والناكح زان مسافح، فلو كان مؤمنا بالله حقا، لم يقدم على ذلك، وهذا دليل صريح على تحريم نكاح الزانية حتى تتوب، وكذلك إنكاح الزاني حتى يتوب، فإن مقارنة الزوج لزوجته، والزوجة لزوجها، أشد الاقترانات والازدواجات، وقد قال تعالى: { احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ ْ} أي: قرناءهم، فحرم الله ذلك، لما فيه من الشر العظيم، وفيه من قلة الغيرة، وإلحاق الأولاد، الذين ليسوا من الزوج، وكون الزاني لا يعفها بسبب اشتغاله بغيرها، مما بعضه كاف للتحريم وفي هذا دليل أن الزاني ليس مؤمنا، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن " فهو وإن لم يكن مشركا، فلا يطلق عليه اسم المدح، الذي هو الإيمان المطلق.[تفسير السعدي رحمه الله تعالى]
فسورة النور التي نظمت حياة الأسرة والتي في تبرئة سيدة نساء العالمين الحميراء الصديقة بنت الصديق التي فضلها على سائر النساء كفضل الثريد على سائر الطعام حري بكل مسلم أن يتخذها وردا أن عز المورد وسرى في هذه الأمة الظمأ رب لاتحرمنا فضل تدبر آياتك البينات وأنتقل الآن لتفسير سورة الفرقان من المختصر في التفسير
﴿تَبارَكَ الَّذي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُروجًا وَجَعَلَ فيها سِراجًا وَقَمَرًا مُنيرًا﴾ [الفرقان: 61]
تبارك الذي جعل في السماء منازل للكواكب والنجوم السيارة، وجعل في السماء شمسًا تشعّ النور، وجعل فيها قمرًا ينير الأرض بما يعكسه من ضوء الشمس.
- المختصر في التفسير
﴿وَهُوَ الَّذي جَعَلَ اللَّيلَ وَالنَّهارَ خِلفَةً لِمَن أَرادَ أَن يَذَّكَّرَ أَو أَرادَ شُكورًا﴾ [الفرقان: 62]
والله هو الذي صيَّر الليل والنهار متعاقبين يعقب أحدهما الآخر ويخلفه، لمن أراد أن يعتبر بآيات الله فيهتدي، أو أراد شكر الله على نعمه.
- المختصر في التفسير
﴿وَعِبادُ الرَّحمنِ الَّذينَ يَمشونَ عَلَى الأَرضِ هَونًا وَإِذا خاطَبَهُمُ الجاهِلونَ قالوا سَلامًا﴾ [الفرقان: 63]
ولما ذكر الله في هذه السورة الكفار المعرضين عن الإيمان بالله وطاعته، ذكر صفات عباده الصالحين المقبلين على طاعته فقال: وعباد الرحمن المؤمنون الذين يمشون على الأرض بوقار متواضعين، وإذا خاطبهم الجهال لم يقابلوهم بالمثل، بل يقولون لهم معروفًا لا يجهلون فيه عليهم.
- المختصر في التفسير
﴿وَالَّذينَ يَبيتونَ لِرَبِّهِم سُجَّدًا وَقِيامًا﴾ [ الفرقان : 64]
والذين يبيتون لربهم سجدًا على جباههم، وقيامًا على أقدامهم يصلُّون لله.
- المختصر في التفسير
﴿وَالَّذينَ يَبيتونَ لِرَبِّهِم سُجَّدًا وَقِيامًا﴾
﴿وَالَّذينَ يَقولونَ رَبَّنَا اصرِف عَنّا عَذابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذابَها كانَ غَرامًا﴾ [ الفرقان : 65]
والذين يقولون في دعائهم لربهم: ربنا، أبعد عنا عذاب جهنم، إن عذاب جهنم كان دائمًا ملازمًا لمن مات كافرًا.
- المختصر في التفسير
﴿وَالَّذينَ إِذا أَنفَقوا لَم يُسرِفوا وَلَم يَقتُروا وَكانَ بَينَ ذلِكَ قَوامًا﴾ [الفرقان : 67]
والذين إذا بذلوا أموالهم لم يَصِلُوا في بذلهم لها إلى حد التبذير، ولم يضيقوا في بذلها على من تجب عليهم نفقته من أنفسهم أو غيرها، وكان إنفاقهم بين التبذير والتقتير عدلاً وسطًا.
- المختصر في التفسير
إن هذا القرآن العظيم لهو الدستور الذي ينظم شتى مناحي الحياة الاجتماعية والدينية ويعزز محاسن أخلاق الأفراد والجماعات والحياة السياسية للدول المسلمة هو نظام شامل للحياة إن تمسكنا به حتما سوف ننعم بسعادة الدارين سعادة مطلقة لاشقاء بعدها فتشبثوا به تسلموا وتنعموا برغد الحياة و تغنموا الأجر والثواب والفضل وترشدوا وتفلحوا .
* بكالوريوس الآداب في الدراسات الإسلامية جامعة نورة بنت عبد الرحمن باحثة ماجستير في القرآن الكريم وعلومه جامعة الامام محمد بن سعود الإسلامية الرياض