تهويمه
بين المسافة والاتجاه!
بقلم الأستاذ / عادل الدوسري *
تبدو المسافة كاتجاه، يمتد إلى صدري، فأتحول إلى بوصلة!
لا يسعني في هذا العالم أن أكون محوراً للاتجاهات، ولا يسعني أن أقدم تفسيراً واحداً لكل اتجاه ينبثق عني، أو يعود إليّ على شكل مسافة معاكسة، ذلك أن من يفهم لغة المسافات عليه أن يكون قبل كل ذلك ضليعاً بفهم الحدود، وقراءة الأنماط المتباينة بين المسارات، لكي يحدد بداية الاتجاه ونهايته، دون أن يدخل في إشكالات مع الوسط التائه!
إن المسألة معقدة، ولا تبدو سهلة كما يتوقع البعض، فعند البدء لابد أن أحدد هل الاتجاه فرع عن المسافة أم أن المسافة هي الأصل؟ تلك المشكلة الجذرية "الجذورية" سوف يتفاقم عنها الكثير من الإشكاليات والمسائل المتعددة ذات الإجابات اللانهائية، فمن يستطيع أن يسأل العابر عن بوصلة رحيله؟ والجميع يعرف أن سبر الطريق وإن كان في اتجاه معين إلا أنه يحمل نيات متعددة، للحياة أو ربما الموت!
أنا شخصياً حين أحاول تحديد "مسافاتي" أعاني من شرود الاتجاه، وقلق المسير، فأتصاعد تارة نحو عبور آمن لضفة أخرى لا أدري متى تكونت؟ وكيف تكونت؟ وأهبط تارة أخرى نحو نقطة بدء تتلاشى تدريجياً حتى يصبح البدء لا شيء بالنسبة لاحتمالات "الوسط" المتعددة!
حتى حين حاولت أن أكون أنا "النمط" الذي أصنع لاتجاهات رحيلي، صار كل شيء حينئذ مستفزاً، فالاتجاهات الأربعة أرادت أن تكون أنماطاً مختلقة ومختلفة، وليت الأمر توقف عند ذلك الحد، لقد اكتشفت في (عز البحث) أن هناك أكثر من أربعة اتجاهات، وأن الاتجاهات الأربعة ليست إلا أسطورة من أساطير الأولين، فالشمال يزحف نحو الجنوب، والجنوب قد يصبح شمالاً إذا تعاكست وجهة وقوفنا على نقطة البدء المحتملة!
أخيراً... أريد الخلاص من هذا الاتجاه الممتد إلى صدري!
وأريد أن أقتلع أشواك المسافة من عقلي!
* كاتب وروائي