" سُكنانا " بين الظاهرة الصوتية وإشكالية التلقي !!
بقلم الأستاذ / سامي الثقفي *
بعد أن هدأت - قليلا ً - العاصفة الأثيرية التي أحدثتها قصيدة الشاعر الشاب حيدر عبدالله ؛ التي ألقاها بين يدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزير ؛ التي أخذت فيما بعد وسم " سكنانا " وطارت بها مواقع التواصل الاجتماعي حتى بلغت الآفاق ..
بعد هذه العاصفة وما صاحبها من ردود أفعال كان لابد من النظر إلى الأمر بشيء من الواقعية والموضوعية..
فحيدر عبدالله شاعر شاب مبدع؛ ومن مؤشرات إبداعه حصوله على جائزة أمير الشعراء ، وجائزة شاعر شباب عكاظ
حتى وصل شعره إلى البلاط الملكي؛ كثر من الذين انتقدوا حيدر انطلقوا في نقدهم من الاتكاء على الظاهرة الصوتية دون النظر إلى النص ومضامينه ودلالاته؛ وما يحمله من قيمة فنيّة عالية ..
شعراء البلاط غالباً ماتُثار حولهم العواصف إمّا حسداً.. كما هو حال المتنبي في بلاط سيف الدولة وما كان يُحاك ضده من المكائد من أعدائه ؛ وإمّا محاوله جادّة لتقديم الأفضل بما يليق بالمقام..
ربما كان للعقل الباطن دور عند الكثيرين في المقارنة بين ظاهرة الصوت والإلقاء بين الشاعر حيدر عبدالله ؛ وبين خلف بن هذال ومشعل الحارثي مثلا ً في الحكم على القصيدة وصاحبها ... وهذا الأمر - في نظري - ظلم للشاعر وللقصيدة أن تقف على مقصلة الذائقة الصوتية دون النظر إلى المضامين التي حوتها القصيدة .
حتى إنه ليكفي بعض العامة تفرعن الشاعر ورفع الصوت ورصف الكلام المسجوع؛ كي يعد شاعر زمانه وفريد عصره .
قد أتفق مع الذين يرون أن الإلقاء بين يدي العظماء له طابعه الخاص ؛ قصيدة حيدر عبدالله قصيدة بديعة ظلمتها طريقة الإلقاء ؛ ولعل في هذا درس للشاعر ولغيره أن " لكل مقام مقال " فالأمسيات الشعرية؛ والمناسبات الثقافية تختلف تماماً عن الاحتفالات الرسمية .
وأما إشكالية تلقي النصّ من قبل العامة الذي اتخذ طابع السخرية ؛ فهذا يدل على أن لدينا إشكالية حقيقية في الوعي الثقافي المجتمعي ..
النقد ليس حكراً على أحد وهو مطلب عندما يكون واقعياً وينطلق من منطلقات تصحيحة ؛ أما أن يتحول إلى سخرية واستهزاء بدافع الحقد أو الحسد أو التسلية ؛ منطلقا من عدم وعي أو من منطلقات عُمْرية أوفئوية فهذا أمر يعد مؤشراً خطيرا على إشكالية كبرى في التلقي المجتمعي ...
" سكنانا "حظيت بهذا القدر الكبير من المد والجزر ؛ وهذا - في نظري - يحسب للشاعر لا عليه ؛ بقي فقط أن أن نستوعب الدرس ونستقيد من المواقف..
وكل عام ووطننا وحكامه ومواطنوه ومبدعوه بألف خير .
* ماجستير أدب ونقد