تهويمه
لذة التهاوي بين القمة والقاع!
بقلم الأستاذ / عادل الدوسري *
السقوط... فعل آثم!
غير أن لذة التهاوي بين القمة والقاع تمنحنا عرضاً سينمائياً للماضي والحاضر والمستقبل، إنها حالة تشبه آلة الزمن، تلك الآلة التي تسرق أزماناً من الزمن، حين تمتد يد تخطف التاريخ، ويد أخرى تعبث بأرقامه وحوادثه، فتبعثر الوجود في ظرف لحظة، لتختلط كل الظروف الزمانية والمكانية، فيتسع المد الجغرافي أو يضيق بتداخل الجهات، وتعود الأحداث أو تتقدم إلى النهاية بملء إرادتك في السقوط الكامل الحر، كما تفعل مثلاً بجهاز التحكم حين تتابع فيلماً مملاً جداً، فلا يتركك فضولك لتوقف الفيلم عند لحظة توقفك، بل تقدمه لتعرف كيف ستكون النهاية المملة كما هو متوقع!
أدرك جيداً أن السقوط حالة افتراضية ليس إلا، ولكنه لا ينتمي إلى أي من القطبين التي أعيت الفلاسفة بحثاً ودراسة وتفكيرا، وهما الوجود والعدم، هو حالة بين البين، قد أسميه الوجود العدمي، أو العدم الوجودي، لأنه افتراضي، ولأنه يقف على خيار حاسم بين العودة والبدء، وبين الانطلاق في رحلة مصحوبة بالأسئلة إلى النهاية، والنهايات هنا ليست نهايات محتملة، بل هي منطلقات أو إجابات توفر على "الخلف" عناء طرح السؤال!
كل تلك الاستفهامات اللاحقة التي تمتد بعد كل سقوط كلسان التنين، ليست إلا محاولات عبور ممجوجة، أفسدها الخوف من البقاء معلقاً بين اليقين والشك في حالة التهاوي الكبرى، إن الجميع يطمح في يقين تام يتمثل في بدء جديد ولو كان مكرراً، أو شك طائل متمثل في دوي الارتطام بالقاع، لأن الكل يخشى من التأرجح بين الوجود والعدم!
آهـ... حين ختمت المقال استبدلت كل كلمة (سقوط) بكلمة (كتابة) وتغيرت معها كل حالات الضمائر اللاحقة!
ما هو السر يا ترى؟!