نحو مجتمع أرقى ..
قدوة أم عثرة !!
بقلم الدكتورة / نجوى مرضاح المري *
يقول أحد المستشرقين إذا أردت أن تهدم حضارة ، فهناك ثلاثة وسائل وهي هدم الأسرة ، هدم التعليم ، وإسقاط القدوات. فالأسرة هي المربي الأول للفرد وسبب رئيسي في استقامته أو اعوجاجه. عدم التعليم يعني هدم المربي الثاني الذي يربي عقول الأفراد ويجعلهم صالحين إما إسقاط القدوات فيعني غياب القدوة والمثل الأعلى في المجتمع عن طريق تشويه صور العلماء والقدوات.
على كل حال، لا بد أن نتمعن في إسقاط القدوات ونضع تحتها خطوطا حمراء، فهي ما نعانيه في هذه الأيام في مجتمعنا وهي مؤشر خطير يدق ناقوس الخطر. فهؤلاء طائفة من الناس متخصصة فقط في التشكيك بالعلماء وتسليط الضوء على أخطائهم ليزعزعوا ثقة العامة بهم. فهؤلاء شرذمة مدفوع لهم ليحطموا بناء المجتمع العظيم بتشويه قدواته.
ومن ناحيه أخرى هناك أفراد من المجتمع نسوا أو تناسوا أنهم قدوة للغير وارتكبوا الأخطاء ليسقطوا من عين من أكبروهم في يوم من الأيام. فهذا مسؤول كبير في منصب حكومي عالي من واجبه مكافحة الفساد ويدعي الإصلاح ليقع في شر أعماله.
وهناك الأمّر من ذلك، وهو الأب الذي هو قدوة لأبنائه وبناته وينغمس في ارتكاب الأخطاء ليضرب بعرض الحائط نظرة هؤلاء الأبناء له.
تناسى هذا الأب سنين التربية الطويلة وكمية الاحترام والتقدير التي يحملونها له ليقع في أخطاء المراهقين ليهدم جبل التقدير والإجلال في لحظة . ألم يفكر هذا الأب في موقف ابنته التي جعلته تاجاً على رأسها وحسبته المربي الفاضل والشخص البعيد عن الخطأ ؛ نعم الشخص البعيد عن الخطأ لأنه رجل دين وصلاح فكيف ستكون هذه الابنه و هذا الابن بعد تشوه اقرب وأحب قدوه لديهم؟ إن هذا الأب ما هو الا اناني لا ينظر ابعد من قدميه ولا يبالي الا بلذاته. اقول لهذا الأب عندما تقوم ابنتك بما فعلته فهل ستقوم بتوبيخها؟؟ عندما تفعل زوجتك فعلتك هل ستعتبرها خائنة؟؟ لماذا لا ننتبه لسلوكياتنا ونتائج افعالنا؟! لماذا لا نراعي الله في تصرفاتنا؟! لماذا لا نراعي ابنائنا وفلذات اكبادنا من حقيقة اننا منافقين نطلب منهم مالا نطبقه؟ لماذا لا نراعي الله فيهم لأننا مسؤولون ليس فقط عن توفير المال والطعام والكسوة ولكن توفير التربية الصالحة والقدوة الحسنة.
بلا شك الانسان مجبول على حبِّ التقليد، فإذا لم يجدِ القدوةَ الحَسنة، سيُقلِّد القدوة السيِّئة كنتيجةٍ بديهية كاحد أهم مظاهر النُّموِّ الاجتماعي لَدى الشباب، خصوصًا في سِنِّ المراهقة، غير الأزمات النفسيه التي تسببها هذه الانتكاسات والخذلان والتي تؤثر عليهم سلبا. فهذه فتاه حاولت الانتحار لانها علمت ان أباها على علاقه مع صديقتها. نعم الانتحار فهي لم تتحمل الصدمة .
فأي نوع من الشباب نتوقع ان يكونوا هؤلاء المصدومين المحبطين المنكسرين؟ هل نتوقع منهم ان يكونوا اقوياء في مواجهة الصدمات؟ هل نتوقعهم ان يكونوا قادرين على بناء المجتمع وحضارته؟ طبعا لا.. فغياب القدوة وخاصة الأب او الام يعني هدم الاسرة وبالتالي المجتمع والحضارة ككل. من هنا اناشد كل مسؤول ان يراعي الله في تصرفاته وان يبتعد عن النفاق وان يخاف الله في من يرعاهم فهو قدوة.
وأخيرا اقول، سلوكيات طائشة من وزير، رجل دين، اب أو ام يعني هدم للمجتمع وحضارته...
فإذا اردنا البناء او الحلم بمجتمع ارقى علينا ترسيخ وإعادة ترسيخ مفهوم القدوات الحسنة في مجتمعنا وعلى كل واحد منا ان يسال نفسه هل هو قدوة حسنة ام سيئة هل هو مثل يحتذى به لبناء المجتمع ام عثرة تحد من تطوره او غالبا تهدمه. جعلنا الله جميعا مصدر فخر لآبائنا وقدوة صالحة لا بنائنا ومعول بناء لمجتمعنا
* دكتوراه إدارة عامة وموارد بشرية