عنصرية مجتمع
بقلم الكاتبة / شريفة الشهري *
المساواة مبدأٌ حرص عليه الإسلامُ كثيرًا، وذُكر في القرآن الكريم والسنَّة النبوية، ولكن نَحتاج أن نتوقَّف قليلًا ونسأل أنفسنا: هل العنصريَّة موجودة في حياتنا؟
يؤسِفني الإجابة بقول: إنَّ العنصرية تفشَّت، ليس فقط في المجتمع السعودي؛ بل في جميع المجتمعات، جمعينا خُلِقنا من تراب، وجميعنا نُحاسَب على عملنا، وليس على خلقنا وشكلنا؛ ولكن كم من مَشهد رأيتُ دلَّ على عنصريَّة في الحياة الاجتماعية.
♦ استوقفني مشهد وقد أثار ضجَّة؛ ما حدث قبل أيام عن لاعبٍ تشيلسيٍّ عندما أراد ركوبَ المترو، ولأنَّه أسود اللون مُنع من قِبَل الرَّاكبين دخول المترو.
♦ وأيضًا موقف آخر عندما سادَت العنصريَّة في أمريكا في أعوام سابِقة، قد اتَّخذ رجل أبيض اللون طفلًا أسود كرسيًّا له! هذا أشدُّ أنواع العنصريَّة.
♦ وأيضًا بعضهم يَسخر من عامِل النَّظافة أو من الخدَم، مع العِلم أنَّهم يقومون بعملٍ المفترض أنك مُلزَم به، سواء كان تنظيفًا أو ترتيبًا، وعملهم للحصول على لُقمة عيشٍ تَكفي لهم ولأبنائهم، ألا يكفي وجودهم في بلد غربة؟ فالبعض يعاملونهم بقسوة وكأنهم لم يعلموا بأنَّ محمدًا صلى الله عليه وسلم قال: ((لا فضل لِعربيٍّ على عجميٍّ، ولا لعجميٍّ على عربيٍّ إلَّا بالتقوى)).
ما زلتُ أتعجَّب دائمًا وأسأل: لماذا التصرُّف بجهل متداوَل بكثرة؟ بينما الحقيقة لو كان تصرُّفًا حسنًا لندر وقلَّ من يطبِّقه.
ديننا الإسلاميُّ دينٌ عادِل؛ لا يفرِّق بين عربيٍّ ولا أعجمي، ولا بين ذكر أو أنثى، ولا بين أسود وأبيض؛ بل ذَكر ميزانَ التفضيل بينهم؛ هو التقوى؛ لقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: 13].
ففي الجنَّة ليس هناك مكان لمدَّعي العنصريَّة؛ فالله طرَد إبليسَ حين تفاخَر بأصله وقال: ﴿ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ * قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ ﴾ [ص: 76، 77].
اسأل نفسك هذا السؤال، وتأمَّل إجابتَه بدقَّة: لمَ كل هذه العنصريَّة؟ فالإنسان لا يَختار شكلَه ولا أصلَه ولا جنسَه، ومع ذلك يصرُّ البعض على معامَلة الضَّعيف وفقًا للعنصريَّة المشهورة بينهم، فلنرتقِ في تفكيرنا ومعاملتنا، فكلُّنا أبناء آدم، وآدم مِن تراب، فبالتالي لا يَسخر قومٌ مِن قومٍ؛ فقد يكون مَن تَسخر منه أفضل ممَّا أنتَ عليه، كفاكم سُخريةً واستهزاء يا أبناء آدم.
الحمد لله على عافيتنا، فالعنصريَّة داء نسأل الله حمايتنا وإبعاده عن حياتنا، وأن يشفي من ابتُلِي به.
* طالبة قانون ، عضوة في رابطة كاتبات الغد