تهويمه
حين دخنتُ (صمتي)!
بقلم الأستاذ / عادل الدوسري *
"يبدو الصمت... كلُفافةِ تبغ، أُحرقها وتحرقني!"
إنه من المُشكل أن يتجاوز الإدراك هامة البوح، فتبدو الكلمات المندفعة والمحشورة في جوف الحزين منذ عدة (أوجاع) كالأقزام الذين يعلو صراخهم ولا نراهم، لقد دأبت في سنوات عدة على رفع مستوى سقيفة إدراكي، وقد كان ثمة (صوت) في عقلي يناديني (قف... قف) حتى اكتشفت أن الكلمات المتبقية من أثر (الصراخ) في جوفي، لم تعد قادرة على اللحاق بالكم الهائل من الحقائق والتفسيرات والصدمات التي واجهتني، ومهما تطاولت تلك الكلمات فإنها تسقط وتموت!
ليس أمامي ثمة خيار آخر غير هذا الصمت، هو المعادلة الأفضل لولا أن نهايته (احتراق) لكن تلك النهاية لا تشكل الكثير من الأهمية لدى رجل يؤمن بالنهايات المفتوحة أكثر من المغلقة، ويعتقد أن خط النهاية المزعوم خط هلامي، شفاف غير مرئي، من صنع جزء اللاوعي في عقولنا، لذلك اخترت معادلة الصمت، لأنه أقوى من تاريخي، وأحد من هزائمي النفسية، وأعمق من تراكيب شخصيتي المعقدة، وأعتى من كل جبروت أحزاني، وأنسب لمزاجي المتحول، وأقرب لطباعي الغير قابلة للاقتران بطباع الناس!
لقد تركت هذا الصمت يعبرني، كرجل فصيح بالفطرة، وبليغٌ جداً، تركته يعبر إليّ كنبوءة حتف، وعلّي أن أصنع لتاريخي شيئاً مهماً قبل أن يحين موعد القطاف، فجال في صدري، وأزقة قلبي، وتحولات عقلي، مستعيناً بتراكيب الصمت اللغوية، وهمهمات الانطباق الغاضب، وتنهدات صدر طالت الكلمات فيه ولم تخرج!
لم أكتب هذا المقال، بل كتبه صمتي، وحين انتهيت:
أسندت ظهري على كرسي مكتبي العتيق، ودخنت صمتي!
1 ping