بوح
اغتراب
بقلم الأستاذة / نوف الحسين *
أنا مالي بها الدنيا حبيب عنه تنشدني ..
غريب الدار .. لا ربع .. ولا خل ..ولا ديرة..
بدر بن عبدالمحسن
هناك لحظات تغترب فيها الروح بين البشر .. تبحث عن وطن تستوطنه .. ومكان تستأنسه .. كم هو سهل أن تشبه الآخرين .. تساير أحلاماً متناهية الصغر.. التي لا تتعدى سوى لحظات من زيف استيطان مخادع وبهرجة لا طعم لها ولا لون ولا رائحة ولا نكهة..
كم هو سهل أن تمشي مع القطيع وتوطد خطواتك مع مسيرة الجموع نحو طريق الإمعات..
لكن تأبى تلك الغربة الداخلية بالانسياق .. ليطلق عليك غريب بين أهلك وأحبابك.. غريب في فرحك وغضبك.. غريب في إنسانيتك.. غريب في أفكارك .. في نظرتك للعمق وإغراق نفسك بها حتى لا تكون قشرة .. كم هو سهل أن تكون قشرة تزاح بسهولة فتصبح سراباً أو خيالاً ..لكن .. آه من لكن التي تعود في كل مرة عندما تبحث عن الطرق السهلة ... أنت ترفض السهولة وتتوجه للتعقيد .. يا معقد .. تذهب بروحك بعيداً غريباً مغترباً مغرباً ..تتفاجأ بوحدتك وسط ضجيج الزحام.. وحدة قاصرة برغبة منك.. تجاهد باندماجك على مضض وترسل إشعاعات مخادعة .. لتقول لهم أنا مثلكم .. أشبهكم ..
يتركونك وهم يضحكون ساخرين .. يعلمون أنك لا تشبههم بتاتاً .. بل يتجاهلونك .. لأنك تعديت على شيء مختلف عنك ..
ياغريب.. طوبى لك .. كن غريباً بقيمك.. بوهجك.. بإنسانيتك.. بحلمك.. بصبرك..
لا تدعهم يشوهونك.. فالغربة أحياناً تحفظ بعضاً من اخضرار أفكارك ..لا تلوثها لتشبههم.. تجلد باغترابك ... واستمر..
* كاتبة
1 ping