تهويمة
مسودة اللاءات المكسورة!
بقلم الأستاذ / عادل الدوسري
صدري ليس إلا مسودة حفظت فيه كل اللاءات المكسورة، والتي لم أجرؤ يوماً على نطقها، لطالما كانت (نعم) هي هزيمتي الكبرى أمام طوفان الوجود، وكانت (لا) هي صرخة المنكوب المخفية في أعماقي (العدمية) والتي ظلت تحت سيطرة ضعفي الموشوم بظرفي الزمان والمكان!
لا أدري في أي مكان فقدت (لاءات) الاعتراض، ولا أدري أي زمان قد سرق مني احتجاجي، وكيف وجدت هكذا (راضياً مطواعاً) حتى تكسرت كل مجاديف (الرفض) فأصبحت (أنا) مجرد (مسخ) من خيال كان يفترض أن يكون لي، أو على الأقل (يشبهني) في حياة أخرى موازية لهذه الحياة!
صباح اليوم، بعثت رسولاً إلى جوفي المليء (بغصة) حجمها بحجم الكون، طلبت منه أن يفتش في مسودتي عن (النفي) و(الجزم) والاستنكار المفروض، فبينهما سُحقت الكثير من أحلامي، وماتت على كف الإثبات (الجبري) بقية رغباتي، وعاد الرسول بيديه صفراً خائبتين، متأسفاً لحالي على كل حالة لم أجرؤ على الصراخ بوجهها رافضاً، ومتحسراً على كل (انقياد) أخذ بآمالي إلى (السحيق) وتحت العدم!
لقد كانت كل اللاءات في حينها تحتشد على أبواب حنجرتي، تريد أن تثور، تريد أن تخرج إلى الحياة بقوة الدفع، غير أنني كنت أبتلعها بقوة أعمق، لأهزم ثورتها بغرض الحفاظ على (لياقتي) و(ابتسامتي) فتعود إلى مسودة اللاءات المكسورة بصوت باهت، صوت ممتقع يحرثه الوجع، بهدير غير مسموع!
- لماذا الآن قررت أن أبعث رسولي إلى مسودتي!؟
- لأنني سمعت دوياً في صدري!
عادل الدوسري