وطن البوح
بقلم الكاتبة / عائشة محمد *
يحدث أن تُرشدنا بوصلة الوقت
لدرب السكوت
ويهاجر بنا القدر لمدائنٍ ذبُل بها الكلام
فايختنق البوح
و يحاول جاهدًا أن يتمرد على أصفاده
وأن يتخطى أسوار الكتمان الشاهقة
فايحاول ويحاول
حتى تتهشم أضلُع الصدر لفرط مقاومتها
ومايلبث أن تبوء محاولاته بالفشل
فايعود ويستكين
فاتموت الكلمات قبل أن تُولد
ويسكننا صمتٌ لا مناص منه
وفي كل يوم تتجدد مواقف القدر الغير متوقعة
تُلْجم لسان حالك
وتُجبر على أن تكتسي جلباب صمتك مقتنعًا تمام الإقتناع بأنه أفضل حلٍ لدهشتك
متجاهلًا الحرب الشعواء التي يشنها الكلام داخلك
ذلك الكلام المُغترب الباحث عن وطنٍ يأويه
ويحميه من عذابات الصمت
حتى تأتيك مرحلة تشعر فيها أنك
قد أُصبت بداء اللامبالاة
لا يعود شيء يفتح شهية حديثك
سوى دفاترك الأنيقة
ذات المساحات الشاسعة البياض
التي لم تُدنسها شوائب هذا العالم
تفتح لك أحضانها وتُشرع لأبجديتك
نوافذ النور
فاتسكُب حكاياتك المكبوتة على سطورها
هناك حيث ينتمي الإحساس لعوالم الصدق
وتنام الأمنيات بحب على شرفات السلام
لتؤمن بعدها
أن دفاترك هي الوطن الآمن
الذي سايحتوي بوحك الحزين
بكل رحابة
وأن ذلك الوطن
ذو أرضٍ خصبة تزرعُ بها أحلامك
وأنت على يقين أنها ساتُزهر
وأنه أوفى وأبهى أصدقائك
وأكثرهم تحملًا لشكوى قلبك
و أنه مُنصتٌ لن يخونك.
* كاتبة ، عضوة في رابطة كاتبات الغد