حين تحولت الصرخة إلى نقش!
بقلم الأستاذ / عادل الدوسري *
لطالما ظلت صرختي كالنقش، في حنجرتي!
أو كتعويذة تخبرني أنه مازال بإمكاني أن أحتج، ولو كان مجرد احتجاج سلمي لا يهتم به أي أحد، ولا يحدث أي فرق في مسيرة الزمان، غير أن تلك الحشرجة التي تحولت بفعل (فاعل) إلى مجرد نقش، قد صارت تؤذيني أكثر من نفعها لي!
إن الصرخة بالنسبة لي ليست لمجرد إثبات القوة، ولا لمجرد فرض عضلات الاحتجاج، إن تلك الصرخة تعني لي بعضاً من حريتي المسلوبة، بأصفاد الحزن ويد الجماعة، لذلك كانت صرختي هي حريتي الأخيرة التي لم أقبل التنازل عنها، فحنطتها الأيام التي ترفض أي رد فعل معاكس أو مشابه في القوة، وحولتها إلى مجرد نقش، تشبه في شكلها وهيئتها تلك الرسومات المنقوشة على حائط هرم من الأهرام المصرية!
المشكلة الكبرى التي واجهتني وأثرت في (نفسيتي) هي أن صرختي (النضالية) التي تبقت لي من بقايا (حريتي) أمام جبروت وطغيان الكثير قد تحولت إلى نقش باهت غير واضح المعالم دون أن تبدو مني أي ردة فعل ولو باردة، كنت سلبياً حد الموت، وبارداً حد التجمد، ومتبلداً حد عدم الاكتراث، لقد غافلني الزمان وسرق صرختي في لحظة (موت) مباغتة، ثم قدمها لي ميتة، أي لا يستفاد منها إلا أنها تواسيني بشعور كاذب أن بإمكاني الاعتراض (دون جدوى!).
أحدهم سألني:
- لم تعد تحتج كثيراً!
قلت:
- فقدت شهيتي للمقاومة، وصرختي قد تحولت نقشاً لا أكثر!
قال:
هذه أعراض اكتئاب!
* كاتب