متلازمة العسرنة والكبرنة
بقلم أ.د. /بشرى إسماعيل أرنوط *
هي مجموعة من الأعراض أو الخصائص المتزامنة التي تظهر لدى الفرد ويراها غيره، ويكثر ظهورها مجتمعة في نفس الشخص، وهي:
1 ـ ارتداء نظارة عدساتها مقعرة للآخر يراه صغيراً، ومحدبة لذاته يرى نفسه كبيراً، ولذلك يشكك في قدرات وجهود الآخر.
2 ـ تجد لديه شغف لأن يقسو ويصعب كل شئ على الآخرين( زوجة- أبناء - أهل- أصدقاء- زملاء عمل- طلبة- مرؤوس..... ألخ ) ممن يتعامل معهم.
3 ـ يجعل من السهل صعب، ومن اليسير عسير، ومن البسيط معقدات، لا لشئ إلا لجعل الآخر يعيش في معاناة مستمرة، وهو يترقب الموقف ويسعد بذلك.
4 ـ يشعر بقوته في ضعف الآخر ومعاناته، بحجة أنه يريد له الخير، ومن أجل أن يعتمد على نفسه، وليتعلم ويستفيد، وليكون الأفضل، وفِي الواقع هو يريد إذلاله وإضعافه ومعاناته وكسره، ليظهر هو الكبير، ويظل هو في اعتقاده الكاطئ المسيطر، الآمر، الناهي.
5 ـ يعلم جيداً، بل وعلى يقين، بأن الآخر يشكوا منه، ويسعد بهذه الشكوى بل ويفتخر بها، لأنها المصدر الوحيد لتقديره الزائف لذاته، ولشعوره بنشوة القوة الكاذبة.
6 ـ ويتلازم مع هذه المحاولات، شعور بالتكبر وأنه هو الوحيد الصح والجميع خطأ، هو فقط الذي يراعي المبادئ والآخرون يكسرونها، وهو المنضبط فقط والباقون غير ذلك، هو وحده الذي يصلح قائد والآخرون فقط اتباعه، الجميع في نظارته المقعرة للآخر والمحدبة لذاته.
7 ـ الآخر في عدسته المقعرة:
- صغير مخطئ يحتاج لأن يعلمه ويصحح له ويوجهه. - - مريض وهو فقط المعالج الذي يتمكن من تغييرهم.
- مجرم مخطئ كاذب وسيظل يبحث عن أخطائه حتى يعلمه مبادئه هو السليمة الصحيحة.
- متهم ومذنب، وهو فقط القاضي الحاكم الذي لا يمكن أن يخطئ.
8 ـ صاحب متلازمة العسرنة والكبرنة لديه معتقدات خاطئة بأنه هو فقط وفقط وفقط وفقط وفقط... ألخ ( الفقطنة)، الذي ينبغي أن يقتدي به الآخرون ويسيرون على نهجه.
9 ـ ما أقساه على نفسه قبل أن يكون على غيره، ويا ويلات من يقع تحت حكمه أو سيطرته أو إدارته.
* تذكروا قوله تعالى ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾ [البقرة: 185].
و عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم ((يسِّروا ولا تعسِّروا، وبشِّروا ولا تنفِّروا))؛ متفق عليه.
* أقول لصاحب هذه المتلازمة رفقاً، يسراً، رحمة، تواضع، تسامح، علم برفق، التمس الأعذار، فنحن بشر إن لم نخطئ سيأتي الله بقوم يخطئون ويغفر لهم.
فقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (لو لم تذنبون لذهب الله بكم وجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم).
وهذا من رحمة الله سبحانه أنه قدر على عباده وجود الخطايا ، ثم يتوب عليهم سبحانه إذا تابوا إليه، فلا ينبغي للعبد أن يقنط. فقد قال تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا) [(53) سورة الزمر].
ـ وفِي النهاية سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
ـ ما سبق هو اجتهاد، إن أحسنت فمن الله، وإن أسأت فمن نفسي والشيطان، وما توفيقي إلا بالله.
* أستاذ الارشاد النفسي
2 pings