عندما أفقد ذاتي
بقلم الكاتبة / خلود الحارثي *
أشعر بأني لست على ما يُرام، يتوسدني شعور التيّه وإن كنت على الدرب أسير فلست على اتجاه ذو دلالة ، أنظر من حولي في غرابة من هؤلاء؟! بل أنا ماذا أعرف عنهم كيف لي أن أتصرف !؟
لست كالمعتاد حقاً.
أسعى في خطوات متخبطة نحو الإصلاح فما زال جزء مني يستبق بنظرة أكثر إنسانية منهم، ولكني لا أعلم أين أقف ؟! ..
واجهت مخاوفي وتغلبت على مصاعبي حققت نصف طموحاتي علاقاتي تتم بمصداقيه نحو غيرها وماذا بعد ؟!
أفعل ما يفعله البشر؛ ولكن لا أجدني حينما أريد أن أعانقني، أن أحميني، أن أُظلل يومي المشمس، أن أبوح بلا أسوار ...
توقفت بين أروقة مواقفي، تصرفاتي، أقوالي، وكل ما يتبادر لذهني من افتراضات ووضعتها أمامي كمن يُشار إليه بأصابع الاتهام وبدأت دور المحقق الذي يسعى لتحقيق العدالة في دنيا القضاء، بدأت من صغيرها قبل كبيرها من سؤال لسؤال حتى انقضى الأمر بالحكم، وأصدرت بياناً في كافة الحقائق التي تغيّب حين أشعر بفقداني.
أفيدني بأنني أقحمت نفسي باهتمامات لم أرغبها بل كانت لأجل من أحبهم ، ألزمت نفسي طواعية بعلاقات أشبه بالإنسانية ، تحركت وفق مبادئي ولكن على مناهجهم ، فشلت كثيراً بأن أُبرر دوافعي ولهُم ما يعتقدون ،لقد استهلكت نفسي وعاطفتي كثيراً لم أفهم أرق النوم كرد فعل لكثرة قلقي وتفكيري بهم ، لم انتبه لحزني الدفين الذي خلف عيناي ليُشاركهم ، لم استطعم الفرح بغيابهم لأجتمع معهم ، بالفعل فقدت شهيتي نسبياً بما حولي لأنه ارتبط بهم ،ما زلت أنا تلك ولكني خذلت نفسي حينما علقتها بمن لا يُرجى فوائده بمن حتى لا يراني وأنا أراه فلقد جعلت من نفسي بالونه بهم وحين أردت رؤية حجمهم انفجرت بوجهي صافعه لم أعد أرى سوى قطع صغيره ممزقه أنا من جعلت منهم حجماً ملوناً وجميلاً ولكنهم في أول معارك الرياح لم تكن ذو متانه ؛ فقررت ذاتي بحجم ألمها أن تفقدني بوجودها جعلتني بلا خارطة لعلني يوماً أستطيع إيجادي فسقطت أمامي ورقه وإذ بها ورقة بداية حلمي وطموحي كقائمة تطول ونصفها بدأ بالتحقق نظرت بعمق كلمة كلمة بدأت استرجع ما مضى ذكريات ، صداقات ، مواقف ، عقبات وجدتني تعثرت كثيراً ولكني لم أقع بل رسمت لي جبلاً به أتسلق ونجماً مشع ، رويداً رويداً تداخلت الذاكرة فيما بينها بدأت أجدني فيما أكتبه بخواطري سابقاً ،وبين طيات كُتبي ،وبين هوامش ملاحظاتي بدأت أستطعم مقادير ماكنت أطبخه فناً من أصناف ، وبيدي زُجاجات عطري ما بين زهرٍ وعودٍ وفواكه البستان لكُلاً منها حكاية جميلة ترويها حين عبرت من أنفي ، رأيت صوري ما بين طفولتي ومراهقتي وكبري ، نعم وتلك رسوماتي وخرائط البلدان ، تلك الأشعار التي قصصتها لأنها تفيدني أدبياً ، وذلك التوقيع المعُجب وفق كل درسٍ نال إعجابهم فيني ، مسيرتي أمامي جميلة لقد وجدتني على الأغلب ولكن كيف لتلك الفجوة أن تجذبني لأتوه عني فوجدتها بأنني كلما نسيتني لفتره وقدمتهم على نفسي استحقيت درساً لكي أدرك من أنا ولأعود لقاعدة نفسي أولاً ثم البقيّه كنقطة البداية من جديد ،وعندما أفقد ذاتي استرجعني بإنجازاتي البسيطة العفوية وحين ابتسم بشكلٍ متناثر ومُنتشيّ أعلم بأنني أُعانقني بحفاوة واستظلني في ظلال عطائي بإحسان دون انتظار المقابل عندها فقط أنا تحررت من شعور الخذلان وارتقيت كثيراً بذاتي عوضاً عن فقدها من جديد.
* كاتبة، عضوة في رابطة كاتبات الغد
4 pings