إعداد معلمة الرياضيات إعدادا مهنيًا
بقلم الأستاذة / عزيزة عبد الله المعتق *
تعرف الرياضيات بعلوم الحساب والهندسة والجبر ولا تكاد تخلو حياتنا اليومية من تطبيق فعلي لها على أرض الواقع.
ولغة الأرقام ليست طلاسم لا يجيدها سوى علماء الرياضيات فقط ؛بل هي أساس كل العلوم الحديثة بدءً بالمجالات الطبية وتقنية الأحياء المجهرية وحتى علم المجرات والفلك مروراَ بعلوم الحاسب الآلي التي غيرت مفاهيم ومسارات الحضارة المعاصرة وصنعت ثورة في الاتصالات والمواصلات .
تكررت الأرقام والعمليات الحسابية بكل أنواعها في القرآن الكريم مرات عديدة وفي آيات وسور كثيرة، ومازال كثير من علماء العصر يقف مذهولاً أمام الدقة المتناهية التي جاءت بها آيات وسور القرآن الكريم.
من أهم واجبات معلمي الرياضيات تبسيط المعادلات الرياضية وتوضيح مفهومها الفيزيائي الذي ينعكس في تطبيقه على واقع الحياة اليومية أو في تطوير التقنيات الحديثة في الطب، الهندسة، وعلوم الفلك وغيرها من العلوم التي لا يمكن الاستغناء عن منتجاتها في الوقت الحاضر، وللتطوير في المستقبل.
كما أن المتطلبات التي يجب توافرها في معلمي الرياضيات، يجب أن لا تكون قاصرة على قدرتهم وتفوقهم في حل المعادلات الرياضية، بل كما ذكرت سابقاً، القدرة على تبسيطها وإيصالها إلى عقل المتلقي ليزداد شغفاً بهذا العلم مما ينمي قدرة الطلاب على التفكير والإبداع في مجالات العلوم التي يتخصصون بها.
صعوبة المعادلات الرياضية وعدم تبسيطها لعقلية المتلقي، جعل منها أحد العلوم الصعبة، بل ومازال البعض يضع المعادلات الرياضية بصيغ وأشكال كأنها طلاسم لا يمكن فكها أو تحليلها.
وأحد الأمثلة على ذلك، هي أنني شخصياً في بداية دخولي تخصص الرياضيات في مرحلة البكالوريوس كثيرا ما تردد من حولي جمله (اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع)
هذا العلم الذي توهمه البعض "علماً لا ينفع" هو أساس كل التقنيات من حولنا صغيرها وكبيرها، بدءً من الذرة وحتى المجرات.
ولما لهذه العلوم من أهمية بالغة في كل جوانب الحياة وفي الحضارات، أصبح لها فروع متعددة ومتخصصة في الإدارات المالية، الطب، الهندسة، العلوم، والمركبات الفضائية.
لذا يجب أن لا تٌدرس هذه المادة كجانب معرفي فحسب بل يجب تدريسها وتعليمها كأهمية قصوى وتوضيح تطبيقاتها على الحياة اليومية وبمستويات متعددة حسب المراحل الدراسية للطلبة.
وأساس ذلك معلم الرياضيات فلا يكفي أن يكون معلم الرياضيات معلما أكاديميا فحسب بل لابد إن ينتقل بمادته من المجرد إلى المحسوس والملموس، وان يملك ذلك الشغف والتجديد في
تخصصه ، فضلاً عن القدرات والمهارات اللازمة لتدريس الرياضيات بطريقه شيقة ومحببة للنفوس عن طريق تبسيط الأمثلة وتطبيقها.
فالمعلم هو حجر الأساس للعملية التعليمية لا يمكن لتعليم أن ينهض إلا بمعلم مثقف يحمل الشغف إلى غرفته الدراسية ..
طرق الحفظ والتلقين لم تعد مجدية في تدريس وتعليم الرياضيات، وهانحن نرى كيف يتم توزيع تطبيقاتها على شتى العلوم في المراحل المتقدمة من الدراسات العليا.
من واقع خبرتي كمعلمة رياضيات في المرحلة الابتدائية، أرى أنه يجب تأهيل معلمات الرياضيات بالدورات التأهيلية التي تساعدهم على تطوير أدائهم في إيصال المعلومة للطلبة عن طريق تبسيطها وشرحها حسب مستوياتهم ومراحلهم بطريقة شيقة ومحببة لنفوس تلك الفئة العمرية حتى لا ينفروا منها ويستصعبوا معادلاتها ومفاهيمها .
وأجد قصوراً في الدورات المتخصصة والتي تركز على تطوير مهارات إيصال المعلومة في الواقع العملي وأرى أن تتم دراسة ذلك القصور وأسبابه والبحث العلمي في هذا الجانب عن طريق الأبحاث والدراسات العليا سواء بالدورات المتخصصة أو في الإبتعاث الخارجي مع التركيز على حالات مجتمعنا المعاصر وسبل تطبيق هذه المفاهيم بجودة عالية وتكاليف أقل.