من يكادُ يُقسم أن الزمان –دائري-!
بقلم الأستاذ / عادل الدوسري *
ندور في فلكٍ دائري، بدايته مجهولة، ونهايته غير معلومة، والمسافة تاريخ وحدث، ثم تكرار وابتذال،
حتى يكادُ المرءُ أن يُقسم بأن هذا الزمان –دائري-كما هي حلقة "الدِبلة" المتكررة بشكل مبتذل في أصابع كل المخطوبات المغمورات بالحب، والمأهولات بالفرح الذي أعماهن عن الالتفات إلى الدهشة وهي تغادر الحفل بصحبة القيمة "الباردة"!
الحُزن يتكرر في كل عام مرة أو مرتين، وفي أحيانٍ كثيرة يمتد ليشمل كُل العام، من الطرف إلى الطرف، والفرح يأتي هرِماً فاقداً للدافعية والمحفز، يأتي بلا دهشة، كضيف تعودنا رؤيته كل يوم وهو يمر محاذياً جِدار منزلنا دون أن يلقي التحية، أو ينبس ببنت شفة، أو حتى يتوكأ على جدارنا لنرد الاعتبار لجدارنا الذي كان لظله قيمة أكبر حين أستظل به وأظله ولم يستند إليه!
أوه هل بدأت أُفصّل بين المادية والقيمة –هذا موضوع آخر-فلنعد لموضوعنا إذن!
حسناً سوف أحكي لكم قصة قصيرة، لكنها معضلة كبيرة:
كان ياما كان في سالف العصر والأوان، دخل إنسان إلى كينونة الزمن، ثم بدأ المسير بشكل منظم تارة، وبشكل عشوائي تارة أخرى، يمشي بمفرده، وأحياناً مع الجماعة، وفجأة تولدت لديه عدة أسئلة من جراء الملاحظة، أين هي البداية الحقيقية في هذا الزمان؟! وهل صحيح أن البداية واحدة، أم أن هناك بدايات متعددة؟! ولماذا يتكرر التاريخ بأشكال مختلفة، وما هي تضاريس الحزن، والفرح في خريطة الزمان الصماء؟! وأين النهاية؟ وهل هي نهاية واحدة أم متعددة؟! أنا هنا لا أتحدث عن (الحياة والموت) فالحياة بداية والموت نهاية لا محالة، لكن أتحدث عن الخط الفاصل بينهما، كبرزخٍ بين حياتك ومماتك!
استدار هذا الإنسان بعد أن أعياه المسير الغير محدد، بعد أن فقد دهشته الأولى التي أطلق صرخته الأولى تعجباً منها حين وضعته أمه، استدار ليبحث عن الدهشة، أو يعود حيث كان، غير أنه نسي أن دخول الزمان ليس كالخروج منه، فأضاع باب البداية، وظل في المنتصف، على مركز الدائرة الزمانية المرسوم بعناية على قطرها!
* كاتب