فرحة مغتالة !!
بقلم الاخصائية النفسية / خلود مفلح الحارثي
نعيش في الحياة بوسط اجتماعي ونسعى منذ طفولتنا على تكوين علاقاتنا مع الأخرين وفق روابط وأدوار نتخذها وفق مكانتنا الاجتماعية منذ المؤسسة الأولى ممثلة بالأسرة ومن ثم المدرسة ويليها المجتمع بأكمله نجد أنفسنا بين مواقف وأفعال والكثير من الأقاويل التي لم نتعلم كيف لنا أن نتعامل معها فيصبح نفاذها بدواخلنا كبيراً لدرجة أن نعجز أحيان على إظهار ردة أفعال متزنة ويصبح تأثيرها قوي بدرجة أن بعضها قد يدوم طويلاً ، نتأمل كلمة أنت فاشل حين نخفق من درجة الامتياز إلى الجيد ، بل نتأمل تلك اللحظات الجميلة التي نهتم ونسهر الليالي الطويلة لكي نشاركها مع الأخرين ونجد بردة الفعل التي ربما خالجها الامتعاض أو الغبطة أو مشاعر اللامبالاة وانعداميه الذوق من هؤلاء إلى غصة بالحلق مما يجعلنا نكتفي أحيان بالصمت أو بدموع خفية وراء ضحكات شجاعة لمدارات اللحظة الشعورية المؤلمة لنا ولكنها تبقى حبيسة النفس وتتوارى عنهم للطافة القلب النقي ، فيأتي صوت النقد في بعض التجمعات بما لا يليق بعدما بذل الحاضرين قصارى جهدهم في أن يظهروا بما يناسب للتلبس الأوصاف الجارحة ملامحهم فتختنق أرواحهم ويتعكر صفو ذاك المساء ويبقوا على مضض ليعودوا لأدراجهم ، وهناك عناق الشوق الطويل الذي يتبادله معك بارد العاطفة ويبهت بقلبك سرور اللقاء فتبدو متوتراً وكأنك لا مرغوب فيه ، وتأتي لمناسباتهم محملاً بهداياك لأنهم ذو معنى بداخلك فتجد منهم ما يجعلها في رُكام المهملات فتود لو أنك أتيت بكثبان الرمال ونفخته عليهم بعدما جعلوا حماسك رماداً بلا دخان ، ولتتأمل تلك صغيرتها التي كبرت لتسخر من ذوقها في اقتناء بعض الاشياء فتبقى حسرتها مغلفه بتغاضي عاطفة الحياة ، أو دعونا نلقي الضوء على كبار السن الذين يعاصرون جيلاً مغاير عنهم فنجدهم بين صراع الماضي والحاضر يسرع إليك أحدهم لأنك تذكره بأحد رفاق الماضي الجميل فيحادثك بأسلوب معتق وبالمقابل يسألك مدى صحة ما يقول فيجدك بين سماعات الأذن تجوب وكأنك بلا وعي وينكسر ذاك الخاطر بسيف الندم بعد شوق ومتعة الحديث منذ ساعة مضت ، ولنبقى في طيات سطر ذاك السائل المهتم الذي انبعث من سؤاله طيب النفس ورائحة الوفاء فيتم الجواب على نحو من جفاف فصل الخريف ثم يتجاهل الردود ويساور السائل الظنون فيذهب ويعود ويجده في حضور ،و هم ذو غياب وانشغال فيرحل دون رجوع ،الكثير والكثير من المواقف التي نعيشها على هذا النحو فتتدفق فينا نبضات موجعه نتألم كلما تذكرنا أو استشعرنا في أحدهم فتنطوي بداخلنا مشاعر رائعة ولكن لا يستحقونها حين نقدمها فتعود لنا مبتوره ، حين مضى الكثير كخبرة في مثل تلك المواقف لم أجد العزاء سوى بأمرين بل والله وجدتهما علاجاً ذاتياً يصدح بصمته في أوجه مغتالي الفرحة التي لم تظهر بشكلها الطبيعي حين نمتلئ بها ونجد من يطفئها بل ويغتالها في مهدها، أولها : أن حديثك الإيجابي مع ذاتك و بما تقدمه بمثابة دعامه واقية عن تلك الترهات النفاذة إليك مهما كانت ؛ لثقتك بنفسك وثانيها : أن تجعل لك حدود واضحة في تعاملاتك مع الناس أجمعين ما بين إحسان وحسن ظن وإعراض عن الجاهلين ستجد بتلك الطريقتين سلامة صدرية وتجعلك ضاحكاً على تصرفاتهم مستقبلاً ،قد يتبادر للبعض بأنه لا يملك القوة على ذلك ولكن لقن نفسك بأن يا لله لا تعلق قلبي إلا بك واستشعر وجود الله معك ،و مع الوقت ستجدك أقوى بالله ،وأخيراً لا تجعل قلبك من الذين يغتالون فرحة أحد بل اجعله سبباً لوجودها.
* كاتبة ،عضوة، رابطة كاتبات الغد