ضفاف الأحد
مسرحٌ لا مسرح له
بقلم الأستاذ / محمد بن ربيع *
لا شيء في هذه الأيام يجعل الحليم حيرانا مثل حالة المسرح السعودي، فإن قلت: عندنا مسرح نباهي به الأمم إن تباهت بمسارحها فأخبرني في أي مسرح أمضيت ليلتك البارحة؟ هل وقفت حقّا أمام شبّاك تذاكر؟ والتذكرة التي اشتريت يا صاحبي كيف هي؟ ما شكلها وما لونها وما ملمسها؟
وإن قلت لا مسرح لدينا فقد ظلمت نفسك وظلمت رجالا حملوا مسرحا سعوديا طافوا به على أكتافهم أحياء ومدائن عديدة كما فعلوا بمسرحية حبل غسيل، وظلمت رجالا آخرين حملوا مسرحا سعوديا صعدوا به منصات التتويج ومراتب الفخار، وظلمت جيلا مسرحيا ينحت في أسطح البازلت ليترك أثرا.
بالأمس فازت المملكة العربية السعودية بجائزة أفضل عرض متكامل وأفضل مؤلف وأفضل ديكور، لم يكن ذلك الفوز إلا إنجازا سعوديا جاء على يد فرقة الوطن التي نافست بمسرحية تشابك، وهي وسائر القوّامين عليها من مؤلف ومخرج وممثلين قد عرضوا عطاءهم ونالوا استحقاقهم وتركوا لتاريخ المسرح السعودي وهجا لا يبتلعه غيهب.
لم يكن الفوز صدفة فالحارثي والأحمري والزهراني والمزيعل أرباب نجاح قد ألفت أفئدتهم نشوة التتويج مرارا وتكرارا، ولم يكن الفوز تكريما بل جاء في مسابقة تحتدم فيها المنافسة بين فرق مسرحية جاءت إلى مهرجان الشارقة للمسرح الخليجي بحثا عن الفوز، ماثلة بقضها وقضيضها أمام لجان تحكيم تعي مسؤولياتها الأدبية التاريخية.
ونعود الى الحيرة التي كانت فاتحة المقال، هل عندنا مسرح أم لا؟ ولن يجلو حيرتنا هذه إلا وزارة الثقافة والاعلام أو هيئة الترفيه، وعلى المعنية منهما واجب الاستجابة لتلك المبادرات الشجاعة الجادة، والعمل الدؤوب لنقل مسرحنا إلى أسماع الناس وأبصارهم، لتعتاد أقدامهم طريقا لم تمل منه شعوب الأرض منذ ألاف السنين.
* أديب سعودي