محطات من الحياة
بقلم الأستاذة / نوال الرشيدي *
تسيرُ بنا الحياة نعبر محطات كثيرة في رحلة طويلة نصادف فيها من يتركون بصمة واضحة في قلوبنا، بينما يترك البعض الآخر بقعة سوداء لا تُمحى . تظل باقيه وأثرها باق يعيش معنا لأن لحظات الألم تبقى لفترة أطول . تُنسى تشعرنا بالحزن والضيق ، فنسمع العديد من النداءات التي تُجبرنا على أن ننسى وأن نترك كل شيء خلفنا ونستمر . نعم هذا صحيح ... لكن ربما في قرارة أنفسنا يبقى الجرح غائراً ينزف أو يحتل مساحة من قلوبنا نحاول أن نرمي عليها أكواماً من الصور والذكريات والمواقف التي نعيشها لردم تلك البقعة وطمسها إلا إنها تُصر على البقاء في داخلنا لذلك لابد أن نتحمل مسئوليتنا تجاه الآخرين أن ننقل كل ماهو جميل لهم و أن نعي جيداً أننا بشر تُغلفنا الهشاشة وسرعان ما ننكسر ونعامل الآخرين بمثل ما نحب أن يعاملوننا ... بينما من يتركون في قلوبنا بقعة نور نعتبرهم منبع حب وعطاء يمنحوننا الأمل حينما نتألم ... يمسحون دموعنا حينما ندمع ، يلتفون حولنا حال ألمنا وتشردنا . هؤلاء من نبقيهم معنا لفترة أطول فقلوبنا قنابل موقوتة وقد مُلئت بأنواع من التعب ولم تعد تحتمل المزيد ...فكل يعيش وبداخله غصة مختلفة ومنهم من مرَّت عليهم قصة حب عابرة زرعت في قلوبهم الأمل والحياة وأحيت بهذا الحب مشاعرهم فنفضوا غبار أوجاعهم وأستبدلوها بالفرح القادم تناسوا مرغمين كل شيء ليعيشوا بكنف هذا الحب وتبدلت حياتهم إلى لون جميل مختلف ... فمشاعر الحب من أروع المشاعر التي يعيشها الإنسان . لكن قد يتم الفراق ويدب اليأس في النفوس وتبدأ العودة إلى حياة مملوءة حزناً ودموعاً ، فقد علقوا أمانيهم ومستقبلهم على تلك القصة .. يعودون بعدها مُحطمين ، يعتزلون العالم ويشعرون بأن حياتهم القادمة قد مُزقت ، وسيعيشون حياة بلا حياة ... من عاش تلك القصة عليه أن يمتن لأي أحد مر في حياته ومنحه حباً ... أن يدعوا له بأن يعيش حياة سعيدة آتية أن يُبقيه شعلة مضاءة حال شعوره بالعتمة
طيفاً قريباً جداً حال بعثرته وخوفه
أن يضع صوته وكلماته التي كان يكتبها في رسائله ..شوقهِ وكل شيء حملهُ معه ... في صندوق وردي جميل مغلف بشرائط حب ، وأن يفتح هذا الصندوق السحري كل يوم ويتذكر بأنهُ عاش يوماً ما من حياته بفرح ... ونبضت دقات قلبه بنبضات حب ... وأن هذا الحب الذي حوله إلى إنسان آخر مختلف . أن يتفهم جيداً الرسالة التي أتى بها هذا العابر وأن يمتن لكل ذكرى كانت معه ... ولعبق وجوده وأن يحتفظ بهذا الحب داخله لان من عاش الحب لن تسكنه مشاعر أخرى ... استشعر قربه وصوته وطيفه ،.. مارسوا حياتكم القادمة وأبقوا هذا الحب قائماً في قلوبكم لا تحاولوا تشويهه أو بعثرته أو محاولة نسيانه لأنها ستبقى محاولة فاشلة . عيشوا حياة مثل ما كنتم قد عشتوها معه ... ومن أكمل حياته برفقة من يُحب عليه أن يُحافظ على هذا الحب أن يغلفهُ بالمشاعر التي يستحقها ،..
قد أغيب ثم أعود ثم أُعاود الغياب مرة أُخرى
لكني في كل مرة سأبقى أعيش عالمي الذي أطمح إليه .....عالم لا يسوده غير الحب .
* كاتبة كويتية
1 ping