ثقافة الحوار
بقلم الاخصائية النفسية / خلود مفلح الحارثي *
يعد الحوار بمفهومه البسيط لدى الغالبية من الناس هو حديث يدور بين طرفين أو عدة أطراف في موضوع ما ،و هو من وسائل التواصل بين الناس و يلبي مطالب انسانية و اجتماعية عن طريقه ،و لكن نحن بحاجة لتكوين سلوك حضاري أثناء حوارنا مع الأخرين ،فقيام الحوار على الجدال بعيداً عن التعصب و العنصرية هو من الأشياء المطلوبة في تلك المناقشات الجماعية ،فنحن في حواراتنا نواجه العديد من الأفكار المختلفة و المضادة و ربما العكس عما نطرحه أثناء محاورتنا مع الأطراف الأخرى ففي حوارنا مع الأخرين ربما نفتح لأنفسنا آفاق جديدة و اتجاهات لم تكن في الحسبان ،و ربما أيضاً نزداد واقعية ببراهين و أدله تطلبها جلسة الحوار حين يتم مناقشة بعض الأفكار المعاكسة ،و من خلال الحوار ننمي نحن رغبتنا في التواصل الاجتماعي مع المحيط الخارجي و ننفتح على ثقافة الأخرين ،و لكن كيف نصل إلى النضج الفكري بالحوار بحيث نكون محاورون جيدون بعيداً عن الانتقاص و التعصب ،و امتلاك المنبر و استعراض العضلات الكلامية على من حولنا ،و أن يكون حوارنا بثقة عن صحة المطروح وبأدلته ومناقشته أيضاً مع الأطراف ،و تقبل المقترحات و التعقيبات لما نقوله بل أيضاً علينا التوقف قليلاً حتى نتأمل حديثنا بتكافؤ مع الأخرين و أن نعطي للأخر فرصته بالطرح! ، من مشاهداتي العجيبة في مجال الحوار للبعض أن المتحدث جهوري الصوت و كثير الكلام و الدفاع عن افكاره و مشاعره بتحيز كبير ،و هو المتصدر بالقرارات الجماعية و هذا من منظوري خطأ فادح فأنا أمام أطراف و أبعاد تصوريه ستناقش بشكلها الصحيح أمام الجميع ،و أهداف الحوار عديدة من أبرزها: إقامة الحجة و دفع الشبهات ،و كذلك التعرف على وجهات النظر و هو هدف تمهيدي تبدأ كافة الحوارات به ،كما أيضاً من أهدافه ايجاد حل وسط يرضي جميع الأطراف المتحاورة ،فلا يصح أن أحكم على الطرف المقابل كنتيجة على فكرة أو عدة أفكار من الممكن أن تتغير نهاية الحوار الفكري الناضج وفق المنطق و البراهين إن وجدت بدحضها أو تأكيدها ،فالحوار لا بد أن يتسم بالهدوء و الركيزة بعيداً عن علو الصوت و الاستفزاز القولي ،نجد صور الحوار متعددة في النصح و التربية بين الآباء و الأبناء ،و بحقول التعليم حوارات كثيرة بين المدراء و المعلمين و بين التربويين أيضاً ،منهم من نجد حواره استماعي من طرف واحد و الخروج بلا نتيجة و الصورة الأخرى تتمثل بالأقوى سلطة ،و في الصورة المتميزة للحوار الناضج هو الذي يبدأ بالتعرف على وجهات النظر و يبدأ بالتطرق حولها و يسير بها بالأدلة المقنعة و يستعرض الحلول الممكنة في جو مليء بالهدوء و الاحترام و تقبل التفسيرات المطروحة إلى أن يصل الحوار بنهاية طوافه كوسيلة اتفاق بين الأطراف و الناس المعنية بالأمر ،فكل من حولك محاور بدوره في مجال معين ،لذا علينا الارتقاء بمستوى الحوار لتحقيق أهدافه بشكل ايجابي حتى و إن كان الحوار سريعاً علينا أن نتدرب كثيراً على الضبط الانفعالي و التقبل الفكري لكل الاختلافات فنحن في العائلة نختلف رغم أن محيطنا مشابه لجميع أفراده ،و لكن ميزنا الله بفوارق فردية علينا احترامها و تقبلها و التصرف على نحو ايجابي ،كما أن الحوار جاء في القرآن الكريم بمعاني سامية ،وكان معنى الحوار في القرآن بأنه المجادلة بالتي هي أحسن.
* كاتبة، عضوة ، رابطة كاتبات الغد
2 pings