ضفاف الأحد
الفوضى فخُّ الحُرِّية
بقلم الأديب / محمد بن ربيع *
الحرية مطلب هام يشترك فيه الانسان والطير والسبع، وكل ما علمنا ومالم نعلم من الكائنات، رأيت ذئبا يلوب داخل القفص قلقا متوترا يتطاير الزبد من شدقيه فقلت: يا عم سرحان، لو علمتُ أنك عندما تكون طليقا ستلتزم بالفقرة (أ) من المادة (1) من نظام السلام الكوني لقاتلت معك إلى أن تخرج من هذا القفص.
الحرية كانت محركا لكل ساكن عبر التاريخ، كامنة تترقب من خلف صريف الأقلام وحفيف الأوراق وهدير الحناجر، لكنها ما إن تتحقق حتى ينشط الناس في البحث عن تسكين المتحرك، وتقييد المطلق، فتنشط الأقلام والأوراق والحناجر في تسطير القيود التي تحمي الناس من فيروس الفوضى الذي يتربص بالحرية.
الألماني إيمانويل كانت ميّز بين حريّتين، سالبة وموجبة، السالبة مطلقة وحق طبيعي، بينما الموجبة منظّمة وحق نظامي، السالبة المطلقة أن تقول ما تشتهي من شرفة دارك، والموجبة المنظمة أن تقول ما تعتقد عبر منظومة مثل وسائل الاعلام، وقبل إيمانويل كانت وبعده (وهو من صُفَّة 12 على حساب شيباننا) كانت الأنظمة والتعاليم والقوانين تترى للسيطرة على شهوات البشر وأطماعهم ونقائص التغول الكامنة في نوازعهم، وكل ذلك في حقيقته جاء حماية للحريّة من أن تقع في فخ الفوضى، وقد أعجبني في تأمل تلك المعضلة بيت شاعرنا العربي الذي جعل فاتحته: لا يصلح الناس فوضى.