التجارة .. أخلاق أيضاً
بقلم الدكتور / مجدي غرسان *
تتشكل أمامنا الان ومن عدة جوانب ثقافة مجتمع تعتبر التجارة هي روحه كما هي المبارزة عند الإغريق والحرب والانتصار هي روح الثقافة عند الرومان ..
الذي يمارس التجارة يتقن تحديد سعر الأشياء من حوله ، يتقن التخمين والمقاربة ويعرف جيداً أن ابتعاده عن رغبة العملاء لن يكون في صالحه إلا في حالة واحدة ، وهي دخوله المُتمكن والقوي وفرضه لنفسه عن طريق ما يقدمه من جودة في كُل شيء
هذا ما قد يعتقد البعض أنني سأتكلم عنه اليوم من سِلع أو أشياء ملموسة نستطيع أن نُمارس بحقها هذه الأفكار .
ولكن حينما يُصبح الامر مُتعلقاً بالتفكير ، بالثقافة بالرقي في مفهوم الكلام ! فإن إعلان مكافحة الشغب والعبث بالافكار لابد أن يُطبق بحق هؤلاء المتاجرين بالكلمات .
أستطيع القول بأنني أعني تجارة الكُتب للأسف الشديد .
أمضيت ليلة البارحة أقرأ ، في وجود فرصة عدم ارتباطي بأي أمر ، فقرأت الكثير من المخرجات لمُعرفات تُحرك الجيل مابين ٢٠ إلى ٣٠ عام من العمر .
صدقوني وبدون مبالغة لم أجد محتوى يستحق القرأة أو فكرة تستلهم الهواية أو حتى خاتمة تنم عن خبرة ، كُل شي كان مصدر إضاعة للوقت أسطُر كانت متراصة لتكميم الأوراق ، كما هي ثقافة لملمة الأفخاذ . لا شيء يشدك كـ قارئ سوى أغلفة كُتب كلفت الكثير من المال وتشابهت في مضمونها مع أولئك الأشخاص الذين يرتدون غالباً أغلا مما يُقدمون .
الحقيقة أنني لست بموقف هجوم ولا يهمني كثيراً صدى هذه الكلمات بقدر أن أكتب تعبيرا وصفياً لما قضيت فيه قرابة الأربع ساعات من المساء وقد يأتي شخص سائل يقول لماذا قرأت لهم إذن ؟
المُشكل في هذا الأمر أن الذين يمارسون الكتابة الحقيقية الذين يَرَوْن أنفسهم كالفلاّحين في الورق ، الذين خاضوا التجارب التنافسية وحققوا بها مركزاً متميزاً الذين يصعدون السُلم ببطء وثبات أصبح من المزعج لهم أن يحرصوا على عرض محتواهم في زمن أنصاف الكُتاب والمُطبلين للهُراء ، أصبح من المُقلق لهم أن يكتبوا لمن يخلطوا بين غلاف الكتاب ومضمونه .
أن نقتات لبطوننا من الأدب هذه هي نهاية الحضارة أما أن نقتات لعقولنا هذا هو الذي يجب أن يكون .
مصادر التجارة كثيرة أرجو ألا تعبث بما بقي من أفكار العرب
خارج النص ...!
الوطنية ليست بِشتاً ترتديه وعوداً تتطيب به ، ليست صورة داخل البلاط الأميري ولا "أفتار" خلف إسمك في تويتر يحتوي علم البلاد .!
الوطنية أن تكون ذلك الشخص الذي يعمل في العُمق لصالح الوطن بعيداً عن تصفيق المُرجفين أو تكريم المسؤولين .
بالمناسبة وعلى سبيل المطر ... هل سنقضي فرحته بين البحث في جواز سماع الموسيقى وترديد أنشودة المطر والثناء على محمد عبده ، أثناء هطوله أم أن سوط النذير سيُعرّف لنا أثر ذلك الذنب حينما تقل نسبة هطول المطر ليُصبح هتّان فتتحول الموسيقى إلى دعاء ؟
ما بعد الكلام .!
لا يجب أن تكتب دائماً على الجدار ، لايجب أن تعترف لأحد أو تُبرر لأحد ، هذا السور للوطن والوطن للجميع وبذلك أنت لست مُخولاً لإمتلاك صفحاته لمجرد رأيك .
دمتم بخير ..
* كاتب وقاص
2 pings