أريد حريتي
بقلم الاخصائية النفسية / خلود مفلح الحارثي *
في الآونة الأخيرة يُثار الجدل الكبير كثيراً بين أواسط برامج التواصل الاجتماعي و غالبية وسائل الإعلام ما بين مؤيد و معارض لمفهوم حرية المرأة و ما تطلبه لتصل لحريتها و استقلالها ، رغم امتداد الإسلام الحمد لله الذي أكرم المرأة فشرع لها الحقوق و الواجبات و جعلها امرأه ذات سيادة و دور بالغ في مجتمعها كأم و زوجه و أخت و ابنه و ضمن لها حريتها أيضاً...
فأصبحنا اليوم نعيش في دوامة لا جدوى منها ،بين مطالبات بحرية المرأة و خصوصاً (المرأة السعودية) و علو بعض (الهاشتاقات باسمها) إما بإسقاط الولاية أو قيادة السيارة ،و غيرها من المطالبات التي ربما هي تغذي أهداف غير مباشرة نحونا كنساء لم نعبث كثيراً في عصر التطور و الانفتاح وفق ما لا يرضي الله و دينه ثم رسوله ،ثم العادات و التقاليد التي ربينا عليها ،فبين فترة و أخرى تشيع أخبار فتيات هاربات لبلدان بعيدة رغبة منهن بالتخلص من العيش في وطنهن ،و وفق اعتقادهن أنه الحل الأمثل لحريتهن نظراً لظروفهن المعيشية ،أو للضغوط التي في حياتهم الأسرية ،و ربما هذا تكاتف مع المنادين لحرية المرأة و استقلالها و أن تكون ولية نفسها لتستقر بتصرفاتها عن من حولها في عدد من الأمور ،و لكن لو أتينا للواقع الحقيقي فنجد الوطن بكافة المؤسسات و الوزارات التي تعمل ليل نهار في قضايا المجتمع و البحث عن الحلول لم تقصر أبداً بل تقدم الدعم و المساندة في حالات كثيرة جداً لأبناء البلد و تمتد لأشقائنا المجاورين ،و عجبي لمن أنكروا فضل البلد من خلال التواصل الاجتماعي حيث صوروها بأبشع الصور و صوروا مدى إهانة شعبنا لنسائه دون وجه حق وهذا مغاير عن واقع نسائنا العفيفات في وطني ،و لم يعلموا بأن كافة البلدان تعاني من مشاكل و قضايا يندى لها الجبين ،و لكن حين يأتي الأمر للسعودية يبدأ الضرب القولي بشكل عنيف وكأنها معصومة عن الظواهر و المشكلات الاجتماعية التي قد تصيب كل المجتمعات ،وطننا بلد نفخر به فهو قائم على شرع رباني و يطبقه باعتدال ،و لديه قوانين صارمه لكل من يمس هذا البلد بسوء ،و جميع ما قد نحتاجه متوفر بفضل الله و حكومة هذا البلد ،لو توقفنا قليلاً أمام أبطال الحد الجنوبي الذين يحمونه بأرواحهم ما هو العدد الأمثل لشكرهم لن نجد و لن يفي حقهم بالشكر لحماية حريتنا الجماعية من استغلال واستعمار العدو ،فما هو المطلب الحقيقي للحرية لمن يطالبون بها للمرأة!؟ و هي في مقرها مكفولة العيش ،رغم سوء أحوال بعضهن إلا أنها علمت أن الحرية هي حرية أن تتعلم أن تعيش بمعرفتها للحياة أن تتحرر من جهلها و تتمسك بشهادتها و تنطلق بمجتمعها لتنيره بفكرها و ابداعها و انجازها ،و كأكبر انجاز لفطرتها هو أن تكون أم مربية لأجيال تسعى نحو الأفق بجيل ذو قيم و مبادئ ،و أخلاق حميدة ،و همة عالية ،لا كمن نادوا و صرخوا و وصفوها بأنها آلة (تفريخ) ! ،حاشاكِ من كل ذم منتقص وأنتِ درة مصونه و هذه سنة الله بخلقه.
نعم هي تتعلم و تعمل و تقرر بنفسها و تتزوج و تنجب كلها مراحل حياتيه طبيعية لم يمنعنا منها الدين الذي جاء بأول آياته ( أقرأ) ،فلم يمنعنا الدين من شيء إلا فيه مصلحة للعباد ،و الخلل الذي يقع بهذه المراحل هو خلل تطبيقي من الإنسان نفسه حينما يتخاذل في التطبيق و يتحايل في المنكرات و الموجبات و الحقوق فتحدث الخلافات و المشكلات و يبدأ الصدع بالمعتقد بأن الرجل هو الولي الذي شرعه الله ليفعل بنسائه ما يشاء من السوء ،و هذا خطأ فكري نشأ في بعض العادات و التقاليد التي دعمت هذا المعتقد إلى أن أصبح وبالاً على الكثير ،و لكن الرجل الواعي و العامل بدينه الحق نجده مستوصى بالنساء خيراً اتباعاً لسنة نبينا محمد صل الله عليه وسلم ،و لكن من خالف هذا الشرع لا يؤكد قصور أحكام الدين أبداً ،و المرأة وجدت بجانب الرجل في كافة الحقوق و الواجبات و لها حرية في نفسها ،و أموراً لا تقضى إلا بمشورتها و إن وجدت ما يضرها فتجد القضاة ينظرون بأمرها ؛و نظراً لطبيعة المرأة الرقيقة التي خُلقت بها جسدياً و نفسياً فوجود الرجل أياً كانت صلته بالقرابة بجانبها هو داعماً و حامي لها ،لربما ننظر في حال الكثير من النساء التي وجدت نفسها بلا دعم و استقرت بنفسها وكافحت بحياتها لكي لا تشعر بحاجتها لرجل يساندها هي امرأه قوية بالفعل ،و لكنها في كثير من الأحيان تتمنى رجلاً يقف في معاملاتها و مطالبها و يكون لها يداً تتمسك به رغماً عن تلك القوى التي تمتلكها ،فمن تنادي معها بحريتها و سفرها و قيادتها و اسقاط ولايتها من وليها ،هي لا تعينها خيراً بل تجعلها تخوض تجارب من النوع الذي لا يحقق لها مفهومها بالاستقلال و الحرية التي يدّعون ،بل يخرجها من قوقعة الواقع لواقع مرير حين تنصدم بمنتصف تجربتها الهاربة ،و أن من ساندها في الخوض هو تحريض فكري يغرر بها و من ثم لا شيء سوى عواقب الأمر الذي فعلته حين يقابلها استهجان من اسرتها و مجتمعها باختلاف القضايا و المشكلات التي تعاني منها تلك النسوة فالخروج عن أمر الولي لا يكون خيراً لك فو الله لا حرصاً عليك سواه هل نتوقع اهتماماً بالخارج عن أسرتنا و مجتمعنا دون مقابل قد يكون ثمنه حياتك ؟!
لم تمنع القيادة إلا درأ للفتن ،و لم يسمح بسقوط وليك إلا لحمايتك.
إن كنتي تريدين حريتك احرصي على تفكيرك نحو المنطق القيادي لا نحو طريق تكوني أنتِ تابعه فيه لأنكِ حينها بيديك نزعتي مفهومها بأن تكوني حره بآرائك و قرارك دون تسلط من أحدهم.
و الملاحظ في نهاية المقال أن مفهوم الحرية بدأ يخرج عن الطور الصحيح له حيث أنه بدأ يؤثر بشكل سلبي على أفراد المجتمع حيث تظهر بعض العنصرية والعصبية التي من شأنها انقسامات المجتمع و إثارة الفتن و الشائعات و هذا للأسف يشوه سمعة بلدنا و نسائه نتيجة لقلّة من المفكرون نحو الهاوية ، فالحرية الفردية والجماعية مفهومها عميق جداً و انساني ،و من أكبر بواعث الفوضى والفساد هو اساءة استخدام مفهوم الحرية.
قبل الختام صور يومية بسيطة عن تعاملاتنا كنساء :
-عندما أردت الذهاب لقضاء بعض أموري أبي ذهب وقضاها
-عندما أمتنعت عن دخول المكتبة لأنها مليئة بالرجال خرج صاحبها لتسليمه أعمالي
-عندما أردت المرور بالشارع استوقفت شارعاً كاملاً لأجل مروري منه أدباً منهم
-عندما ازدحم الصراف الآلي ابتعدوا جميعاً ليكون دوري أولهم
-عندما مرضت اسرع بي أخي نحو الصحة
-عندما يتعرض أحدهم لأحداهن نجد جيشاً حامياً عنها
-عندما يذمنا المنتقص نجد من يرده بالحق
-أصبحت متعلمة ومثقفة لأن أولياء أمري فسحوا طريقي وأناروا ظلمته دعموني وأصبحوا بي يفتخرون
كاتبة، عضوة ، رابطة كاتبات الغد