إنجاز على الورق !
بقلم الأستاذة / منيرة العقل *
حين وضعت أمامها اثنين من سجلات عملي .. ابتسمت وقالت عبارة تختزل سنوات خبرتها الطويلة في التعليم ( لا يهمني كثيرا ما تم تسجيله في الورق فعملك ميداني أكثر ) .. بادلتها الابتسامة وقلبي يحييها فقد تحدثت بما يدور في ذهني منذ سنوات .. مثل هذه الإدارة الواعية على مشارف التقاعد لكنها تبث خبرتها وفكرها على مدى ثلاثة عقود لمن تقابله من الموظفات ..
أذكر أنني كثيرا ما كنت أقول لها نحن نتعلم منك أستاذتي ، وندين لك بهذا الاكتساب .. نظرت إلي وقالت أعرف أن هناك من تجيد تعبئة الورق تلك التي تغلق باب غرفتها وتعكف على إكمال كل سجل حتى أن الزائرة لها لاتجد أي ملاحظة ..
من المؤسف أن تبنى احكامنا في الحياة على ماتم تدوينه فقط .. !
نعم .. لكن هذا واقعنا .. حال مؤسسات التعليم عندنا .. أخذنا الحوار في الموضوع إلى تذكر تجربة سابقة مررت بها حين حضرت المشرفة وبادرتني بتصفح كل ورقة والتمعن فيما كتب وتم تسجيله وأمضت في ذلك ساعات طويلة .. كنت أستغرب حينها أنها لم تطلب النزول لأرض الميدان لتلمس الشواهد والواقع الحقيقي .. كانت تشكل نوعية من المسؤولات اللاتي يقسن أحكامهن من الورق فقط !
لا أدري إن كان هناك متسعا من الوقت لأن نقول لهؤلاء أن العالم يتغير وأن الأفكار تتجدد وأن الورق أبدا ليس مقياسا لقدرات وإنجازات الفرد فهناك عوامل أخرى قد تصرفنا عن هدر جهودنا في التسجيل والتوثيق ، ومن المحزن القول أن التحايل والإضافة مفتوحة لمن يرغب فالمجال يتسع أيضا لتزييف الحقائق ! فلم يغفل البعض عن الواقع وهو أكبر من شواهد الورق أيا كانت !
* كاتبة وتربوية