إن لم تكن أبيض فأنت أسود ,, لا رمادي بيننا !!
بقلم الكاتبة / ندى منصور منشي *
ركزوا معي !! أكثر !!! نعم هذا يكفي !!
انا ارى ان أي موضوع أطرحه لكم وأناقشكم فيه فان وجهة نظري صحيحة ولا تقبل المناقشة والاعتراض !!
لستم معي في ذلك ؟!! اذن انتم متآمرون ضدي وتريدون تهميشي !! أنتم تكرهونني !!
كم من المرات دخلتم في نقاش وحوار مع شخص او عدة اشخاص لينتهي هذا الحوار بهذه العبارات السلبية ؟!! بل وتتحول العلاقة بعدها الى عداء ظاهر وحرب ضروس !!!
من الجميل ان نتحاور مع الاشخاص دون ان نقصي ارائهم او نهمشها
والاجمل ان نتبادل المعرفة ووجهات النظر دون الخوف من ابداء رأينا بصراحة
لو سألتكم الان عن رايكم بثقافة الحوار وحق الاختلاف فماذا ستجيبونني ؟!! انا اكيدة انكم ستقولون نعم نحن معها !! لكن فعليا هل نحن نطبق هذه الثقافة في حواراتنا ؟!!
للأسف الكثير منا يجهل معنى الحوار البناء فلو لاحظنا في السنوات الاخيرة تقلصت الوان الحوار المجتمعي ليحل محلها عدة انواع من الحوارات السلبية منها ثقافة الصوت الواحد الذي لا يقبل الاختلاف الذي تسود فيه لغة الحوار السلطوي الذي يلغي فيه احد الاطراف كيان الطرف الاخر ويجبره على التنفيذ دون نقاش او تضجر او الحوار التعجيزي الذي غلب عليه تصيد الاخطاء ووضع العقبات,, بل وسادت نظرية المؤامرة فأي شخص يختلف مع شخص آخر في وجهات النظر فيعتبر عدو متصيد أي اننا أصبحنا نطبق مقولة ( ان لم تكن معي فانت ضدي )
ولو نظرنا نظرة ثاقبة لمجتمعاتنا سنجد ان هذه النظرية ( نظرية المؤامرة ) بدأت بالانتشار بكثرة على جميع الاصعدة والميادين والفئات سواء العادية او المثقفة ,, ولو لاحظنا حتى في برامجنا التلفزيونية ان الكثير من الضيوف لا يستطيع تحمل او تقبل راي الطرف الاخر المنافي لرايه ويبدأون بتراشق الكلمات النابية فيما بينهم وقد تصل إلى التراشق بالكراسي !!!
حتى وإن دخل شخص ثالث في المناقشة وأبدا رأيه حسب رؤيته الشخصية ووافق ذلك الرأي وجهة نظر أحد المتناقشين إعتبره الآخر متآمرا ضده ,, وإن حاول أن يكون حياديا بطرح فكر متوسط يرضي الطرفين إتهموه بالسلبية وعدم النفع
برايي لو استمرت هذه النظرية وهذا الفكر في الانتشار فمن المؤكد باننا سنفقد المعرفة والابداع وتبادل الخبرات فيما بيننا وستنتشر السلبية والتعصب الفكري وانحسار الرؤية كما سيسود القلق النفسي والاجتماعي بين افراد المجتمع مما يؤثر على المجتمع ككل .
ولذلك يجب علينا ترسيخ ثقافة تقبل الاخر المختلف عنا في آرائنا وتوجهاتنا ,, فالحوار البناء لا يتولد بالقوة والضغط لكنه يتولد بالحب والتسامح والانفتاح على الطرف الاخر المختلف عنا ولكي نرسخها جيدا يجب ان نخطوا الخطوة الاولى ,, ولكي تكون صحيحة يجب ان نبدأ بانفسنا
ولنقتنع أن منا من هو الأبيض ومنا من هو الأسود ومنا من يفضل أن يكون رماديا
* كاتبة وإعلامية