تَوُّهْ مِتْجَنِّسْ
بقلم الأديب / محمد بن ربيع الغامدي *
عبارة عندما أسمعها أشعر وكأن قائلها قد ضربني على وجهي، ضربني بغصن من شوك، فتغدو جراحه غائرة ودماؤه تنزف وألمه شديد، هي ومرادفاتها الأخرى: ما ساع تجنس أو دوبه تجنس، هي عبارات لا تصيب مني إلا الوجه، فهو وحده الذي أقابل به الآخرين، وهو الصفحة الأولى في كتاب مشاعري، وهو أول عتبات الحياء.
من يتجنس بجنسية بلد من البلدان يصبح واحدا من أبنائه، له ما لهم وعليه ما عليهم، منذ دقائق التجنّس الأولى، وهذا من طبائع الأمور التي عليها العالم، العالم الممتد بامتداد خطوط الطول المتناثر بتناثر ضفاف دوائر العرض، وله الحق الطبيعي في كل العضويات المتاحة لغيره، بحسب القوانين والأنظمة التي يسنها المشرِّع ويحتكم إليها المُشْتَرِع.
وإذا كان الوطن محضن حب كبير، يمتد أكثر ليشمل كل من على أديمه، من يحمل الجنسية ومن لا يحملها، على اعتبار أن الجميع ركاب سفينة واحدة، فإن من الأولى أن نستأصل تلك العبارة الصادمة، العبارة التي تصادم أول ما تصادم الحقوق المشروعة للهويّة الوطنية، حيث أن من نال الجنسية التي انتمى إليها، قد شاركني كل ما فيها من مزايا وكل ما عليها من تبعات، ثم إن تلك العبارة الصادمة، تحمل بعد ذلك وقبله نفَسَا نتناً، لقربها الشديد من العصبية المنتنة، فالناس سواء وكون الله يتسع للجميع.
* أديب سعودي