هل المبادئ ثابتة...؟
بقلم الأستاذة / صالحه عبدالله *
يعتقد البعض بأن جمال المبادئ في حياة الإنسان تكمن في كونها ثابته لا تتغير إلا أن الحقيقة التي لا يريد البعض تصديقها أن كل مرحلة من مراحل الانسان تحمل مبادئ خاصة بها، وأن الجمال الحقيقي لتلك المبادئ هو أنها تجعل لتلك المرحلة التي يعيشها الانسان خط ثابت يسير عليه أو تعتبر بمثابة حواجز جانبية تجعل الانسان يسير على الخطى التي رسمها لنفسه وتساعده على تبديد الحيرة التي قد تعتريه في بعض مواقف حياته
وأنا لا أقصد هنا تلك المبادئ السامية التي لا شك في مصداقيتها والتي لا يختلف عليها عاقلان كالصدق والأمانة وما شابهها والتي تضل ثابته لا تتغير بتغير مستويات الوعي لدى الانسان ومراحل تطوره، بل اقصد ما ينشأ تبعا لتجارب الانسان ونضجه واثناء تمرحله والتي قد تكون مشتقة من تلك المبادئ الأساسية السامية وتخدم القيم التي يسعى الإنسان الى تحقيقها.
وتغير تلك المبادئ او تبدل الأولويات لدى أي فرد لا يعني انه يتماهى في تيارات اخرى او انه حاد عن جادة الصواب فكون الحقيقة متعددة الاوجه وكون النمو هو سمة الأحياء فالتفكير باعتباره اهم صفة يتفرد بها الإنسان عن غيره من المخلوقات الأخرى على هذا الكوكب لابد وأن يخضع للنمو والنضج والتحول الذي يعتبر نتيجة حتمية لذلك النمو وإلا بقي الإنسان في العصر الحجري متمسكا بمبادئه في تلك المرحلة وأفكاره ومسلماته.
ويعيش الإنسان في مجتمعه غالبا تحت سطوة الوعي الجمعي لذلك المجتمع فيتأثر بأفكاره ومبادئه وتوجهاته الأمر الذي يجعل الكثير يعتقد بأن الرأي الذي يؤمن به الأغلبية هو الرأي الصواب دائما، وحينما يقبع ذلك المجتمع على نفس الأفكار وبنفس التوجهات لسنوات وسنوات يترسخ عند الكثيرين بأن الحقيقة هي مانحن عليه وما ينادي به أصحاب الرأي والصوت المسموع في المجتمع منكرين بأن للحقيقة أوجه متعددة ، وطالما أنه يخرج المزيد من الأشخاص الذين يدعون لنفس الأفكار ونفس المبادئ ونفس التوجهات فالأمر مريح وحالما يخرج من بين تلك الفيئة (الأكثر تأثيرا) من يشير إلى الحقيقة من جانب أخر تجد الكثير من الهجوم والعداء الذي يواجهه لأنه ببساطة قرأ وجه اخر للحقيقة قد يكون في يوم من الأيام لم يكن يراه أو أن توجهاته وقيمه ومبادئه في تلك المرحلة لا تخدمه في تبني هذا الرأي في ذلك الوقت ولكن نموه الفكري ونضجه وانتقاله لمستوى وعي اخر جعله يرى الحقيقة من زاوية اخرى،
وعلى كل فالمجتمع الناضج هو المجتمع الذي يحمل قيم مختلفة ومبادئ متنوعة وقد يتبنى افكار متباينة طالما أنها تسير جميعها في طريق الخير والنماء والتطور.
* بكالوريوس فيزياء ، ماجستير إدارة وإشراف تربوي