عيوب فكرية
بقلم الاخصائية النفسية / خلود مفلح الحارثي
لكل منا طريقته بالتفكير والتي تميزه عن غيره في كثير من الأحيان. والتفكير بشكل مبسط هو عمليات ذهنية يؤديها عقل الإنسان كالانتباه والإدراك. و في بعض الأحوال يتجه التفكير نحو اخطاء فكرية و استمرار الفرد فيها قد يضره مستقبلاً. وسأتحدث عن بعض الاساليب الخاطئة بالتفكير ،والتي ترتبط بكثير من المشكلات النفسية. كما يجهل الكثير منا دورها في نشوء بعض الحالات النفسية عند وقوع بعض الأحداث وعلاقاتنا بالأشخاص في هذه الحياة. والتي إن لم تخضع للتعديل والمعالجة قد تضر بالفرد مع مرور الزمن وعلاقته بالآخرين ،ولكي نتفادى الوقوع بتلك الأساليب علينا التعرف عليها .
فمن أساليب التفكير الخاطئة :
- التعميم السلبي وهو اسلوب فكري خاطئ حيث يرى الفرد أن افعاله كلها خاطئة وتصرفاته غير مناسبة ويعمم هذا التوجه السلبي في معظم الأحداث مما قد يهز ثقته بنفسه ويثير مخاوف نفسيه ،حول الناس ونظرتهم له.
- الكل أو لا شيء هو اسلوب فكري يعتمد على قطبين إما أن انجح كما هو مطلوب أو تأدية الشيء بالوجه الأكمل ،أو الفشل التام. وعادة التطرف الفكري بهذا النحو يجعل الفرد يشعر بشدة الإحباط أو القلق مهما كانت المواقف التي تمر عليه.
- قراءة الآخرين بشكل سلبي وهو ما نجده بالواقع كثيراً على هيئة (الظن السيء) فنجد الفرد يجلس بين مجموعة من الناس ويضحكون من بعيد لأمر ما ،و يظن أنه موضع لسخريتهم أو يعتقد أنه إذا لم يتوافق معهم سيكون أقل تقدير بينهم ،ويظهر هذا الأسلوب في المشاركات والتفاعلات الاجتماعية وما تقيسه الأمثلة على هذا الجانب كثيره...،وبالتالي يرهق الفرد نفسه بالتفكير السلبي والذي هو نابع من تفكيره وليس من الآخرين وقد يؤدي احياناً هذا النوع إلى الرهاب الاجتماعي أو شخصية تجنبيه أو القلق.
- المقارنة وهو اسلوب معطل للقدرات ومحبط لعدد من النشاطات التي تتأثر بهذا الاسلوب كالدافعية فكون الإنسان يقارن بينه وبين الآخرين بنحو مسرف وبشكل انتقاص لذاته وشخصيته وإلغاء الايجابي منها ،قد يعرضه لمشاعر انفعاليه غير مستحبة ،وقد يعرضه للاكتئاب كونه يؤثر بدافع الفرد ونشاطه.
- تجريد الشخصية من مزاياها كأن يرى الفرد أنه لا يستحق الثناء أو المدح في بعض المواقف التي يكون فعال فيها وقد يراها من باب العطف عليه أو الشفقة كونه لا يرى هذا الجانب فيه أو بشخصيته ويكون محور تفكيره على تلك العبارات.
- التفكير المعتمد على الاستنتاج الانفعالي أي أن الفرد يفسر سلوك الآخرين تفسير انفعالي ،ويعجز عن التفاعل معهم نظراً لمواطن الاختلاف بين الآخرين أو عدم القبول بالنصائح ،أو حتى العناد بالآراء ،والتحيز بها وهذا يعرضه لمخاوف اجتماعيه ووساوس.
- تحميل النفس مسئوليات غير حقيقة كنسب الفرد فشله أو فشل مجموعة من الناس أو أشخاص إلى نفسه حتى وأن كان الفشل سببه خارجي سواء له أو لمجموعة من الأفراد فهو يرى أنه سبب في ذلك.
- التوقعات الكارثية وهو تجنب الكثير من الأمور والمواقف والأحداث خوفاً من ارتكاب الفرد لخطأ يسبب له كارثة أو أن ينظر للأشياء على نحو كارثي وتوقع حوادث مريعة.
- الكمال والمثالية وهو نوع من التفكير الذي يسود فيه عدم وجود نقص بأعمالي أو مهامي التي اقوم بها ، يجب علي اتمام كل شيء بشكله الأكمل والأمثل دون الوقوع بخطأ ،أو وجود ثغرات تقلل أهمية العمل، وكذلك التطلب لمثالية الأشياء ،وهذا الاسلوب يؤدي إلى قلق ووساوس وافعال قهرية ولابد من معرفة أن الكمال ليس له وجود فعلي ،ولا المثالية مطلب لذلك فيعجز الشخص عن الوصول لما يريده بهذا التفكير.
- الإطلاق والحتمية كمثال الفرد الذي يريد أن يكون محبوب من الجميع، أو ذلك الذي لا يتصل بقريبه إلا إذا بدأ هو أولاً , أو أنني مستحيل التنازل عن رأيي أو لن اتقبل النقد مطلقاً ذلك النوع من التفكير يؤدي للعدوان أو الغضب الشديد أو القلق أو الاكتئاب.
- ربط الاحترام الشخصي والتقدير للذات بعوامل خارجية كمن يرى أنه لم يدعى للحفل فهذا لأنهم لا يريدونه أو يكرهونه ، وكمن يرى أن الآخرين لا يحادثونه فهو شخص باهت ولا قيمة له وهذا النوع من العزو يجعل الفرد يشعر بالإحباط.
ومن الأساليب التي تساعد الفرد على التخطي وتعديل آلية التفكير بشكل مساعدة ذاتية أو بمساعدة المختص النفسي نذكر :
- مراقبة الأفكار وتوجيهها على النحو الإيجابي.
- الحوار مع النفس والحديث الإيجابي مع الذات.
- الوعي بالذات ومراقبتها بالمواقف وردود الفعل.
- تخيل النتائج وفق موقف متخيل مخيف ومهدد ووصف ما يدور فيه من انطباع فكري ومشاعر ،وتحديد الوضع الأصح والمناسب في الموقف ،والقيام بالاسترخاء والتأني والعقلانية.
- وضع بدائل واكتشاف امكانيات مختلفة للحلول واتساع الفكر بذلك.
- لعب الدور وهو مهم في استباق حدوث الاشياء قبل وقوعها وطريقة الفرد في التعامل معها في كافة المواقف التي تسبب عجزه أو تؤدي لاضطرابه.
ومن المهم ايضاً أن تعلم بأن التفكير مرتبط بالشعور والسلوك معاً ،ومن خلال تعرفك لهذه الاساليب الخاطئة بالتفكير بهذه المقالة ستجد أنك قد مررت بها يوماً ما ،ولكنك قمت بتعديلها وفق لما يطلبه العكس منها بعقلانية ، ولكن حين تجد أنها استهلكت كثيراً من وقتك ولم تستطع التعامل مع هذه الأساليب وشعرت أنك على وشك الاضطراب ،أو أنك تضررت ،أو حتى كنت مضطرب فهذا لا يعني نهاية الأمر! بل فوراً اذهب لمختص نفسي ليساعدك على التخلص منها على نحو سليم ،وتتعلم منه الطرق الآمنة والمهارات اللازمة للتعامل مع تلك الأزمات الفكرية.
*المرجع بهذا الموضوع تفصيلاً تجده في كتاب العلاج السلوكي للطفل والمراهق 2003م
* كاتبة ،عضوة، رابطة كاتبات الغد