هل تراجع الدور الأمريكي في المنطقة؟؟
بقلم الأستاذ / ممدوح الرفيد *
نعم أمريكا هي الدولة العظمى والكٌبرى في العالم وهي الأقوى سياسياً وعسكرياً وأقتصادياً.
وتملك جميع مقّومات القوة والتحكم والسيطرة على العالم بالرغم من ضعف السياسة الأمريكية إبان عهد الرئيس السابق باراك أوباما والتي شهدت حقبته أسوء وأقبح وجه لأمريكا في سياستها الخارجية سواء كان ذلك ضعف أو تغافل متعمد ولكنها بالنتيجة كانت كارثية على العالم وبالتحديد العربي
لتأتي إدارة الرئيس الجديد دونالد ترامب والتي ظهر عليها الإرتباك الفعلي في الأزمات اذا ما أستثنيا التصريحات الإعلامية الرنانه والتي لم تٌقدم شيء للعالم حتى هذه اللحظة.
ناهيك عن شخصية ترامب المهزوزة والتي أتضح جلياً أنّه يعاني من مشاكل نفسية ومشاكل عملية مع إدارته وخصومه.
ولكن وكما عهدنا وعرفنا أمريكا أن سياساتها لا تعتمد على أشخاص مهما كان دورهم ومكانتهم ومناصبهم.
والسؤال الذي يطرح نفسه في ضَل تعقُّد الأوضاع في الشرق الأوسط والدوامات التي أٌدخل بها والتي لايبدو أنّ هناك حلول تلوحٌ بالأفق قريبه من خلال معطيات ومؤشرات كبيره وكثيرة.
والسؤال:
هل فعلاً تراجع الدور الأمريكي في المنطقة؟؟
وهل هو مقصود أم أنّه يعود كما أسلفت لأسباب ضعف وأرتباك إدارتي البيت الأبيض السابقة والحالية.
وللجواب على هذا التساؤل المهم ومن وجهة نظر شخصية متواضعة جداً ووفقاً لمعطيات ومؤشرات لابد لنا من أن نعود ولو قليلاً إلى الوراء ولنستذكر كيف كانت المواقف الأمريكية في عديد من الأزمات السابقة وأدارتها لها والتي سأضرب بعض الأمثلة البسيطة عليها ومنها التدخل الأمريكي في فيتنام وأفغانستان والعراق وكيف أن أمريكا هي من كانت تأخذ زمام المبادرة وتشن الحروب وتفرض العقوبات وتٌسيّر مجلس الأمن على حسب مصالحها وأهوائها ورغباتها.
فما الذي حدث حتى تراجع الدور الأمريكي والتخلي عن دور القائد في المنطقة وخاصةً بعد مايٌسمى ( بالربيع العربي ) والذي أٌسميه بالخراب والدمار العربي
وتقديم الدب الروسي والسماح لإيران بمد نفوذها ولعب دور تخريبي كبير في المنطقة وتحديداً العربية وبالتأكيد لايوجد وجه للمقارنه بين القوتين وأن أجتمعتا مع القوه والسطوه الأمريكية.
برأيي المتواضع أنّ أمريكا لم تتراجع ولَم تتغير سياستها
ولكن تغير أسلوبها في إدارة الأزمات وذلك بتقديم كبش فداء تلتقي مصالحه مع مصالحها ولكنها المستفيد الأكبر وسأبين كيف يكون ذلك.
أمريكا لم تتعلم من تجربة فيتنام فتدخلت في أفغانستان ولَم تتعلم أيضاً رغم الخسائر المادية والبشرية الكبيرة التي مٌنيت بها في تلك الحروب.
ليأتي العراق وغزوه في عام 2003 م بحجة وأكاذيب وذرائع واهيه لا أساس ولا صحة لها وهي أسلحة الدمار الشامل والتي تذرعت بها أمريكا لغزو العراق وتدميره وأسقاط نظامه
ولكن الفاتورة أيضاً كانت مٌكلفة وباهضة جداً.
عندها أيقنت أمريكا أنّ هذه السياسة لم تَعْد تٌجدي نفعاً وأن السخط الشعبي في أمريكا بدأ يتزايد بسبب كثرة الضحايا من الجنود الأمريكيين.
لذلك سلمت العراق لإيران على الأرض ليكمل مهمة التمزيق وطمس الهوية العربية والسيطرة على مقدّراته وخيّراته وثرواته مع تحكمّها الكامل بكل مفاصل ومقاليد الأمور ولا تجرأ إيران بإتخاذ أي خطوه مالم يكن هناك ضوء أخضر أمريكي.
إذاً إيران هي أول وسيلة وأداة لأمريكا في المنطقة فتحقق عن طريقها مصالحها والتي بشكل أو بآخر ألتقت مع مشروع إيران وهو المد الفارسي في المنطقة وأن كانت هي التي تخسر عدةً وعتاداً ولكن لا يخلو الأمر من دعم عسكري أمريكي مٌعلن وغير مٌعلن بحجة محاربة ومكافحة الإرهاب وخاصةً الحرب على داعش والتي أنتهت قبل أيام بهزيمة التنظيم في الإرهابي في العراق وبسببه تهجّر مئات الآلاف من أهل السنة وقٌتل مئات الآلاف منهم أما برصاص داعش أو برصاص ميليشيات إيران المتطرفة أو بقصف طيران التحالف الدولي.
وعندما نجحت أمريكا في العراق عن طريق حليفتها الضمنية إيران جاء الدور على باقي الدول العربية وخاصةً التي شهدت مايٌسمى الربيع العربي أو الدمار العربي أنّ صحَ التعبير وهو صحيح ولا يقبل الشك أو التأويل لأنه لم يأتي بأي خير لا على دوله ولا على المنطقة بٌرمتّها.
لتكون الأداة الثانية هي الدب الروسي والذي ألتقت مصالحه مع المصالح الأمريكية وخاصةً في سوريا
ويٌخيل للبعض أنّ الدور الأمريكي تراجع وأنّ روسيا رغم قوتها تستطيع أخذ مكان أمريكا أو تهميش دورها في المنطقة
ولكن الواقع يقول أنّ أمريكا هي اللاعب والمحرك الفاعل والأساسي لأي أزمة وقضية في العالم وأن لم تتدخل بشكل مباشر ولكن لها أدواتها القوية التي تمكّنها من تنفيذ أي مخطط ومشروع في أي مكان من العالم.
خلاصة الكلام
أن أمريكا لم تضعف ولَم يتراجع دورها القيادي وماحدث هو أنها غيّرت سياستها ونهجها بالتعامل مع الأزمات حيث أصبحت تٌديرها من خلف الأقنعة وبأدوات متعدده ومختلفه وفقاً لمصالحها السياسية والأقتصادية والعسكرية.
وقد تلخصت مكاسبها بشكل رئيسي بالآتي:
أدارة الأزمات باستخدام الأدوات التي تجعل منها تحقق مصالحها بأقل تكلفه وبأكثر فائدة على كافة الأصعدة
من خلال السيطرة على الثروات
تمزيق البلاد العربية
اثارة الفتن والحروب الطائيفية
زيادة في مبيعات أسلحتها
حماية اسرائيل والتي تعتبر المستفيد الأكبر من هذه السياسة وهي أحد اللاعبين الأساسيين في كل أزمة في المنطقة.
الحفاظ على جنودها وعدم الزج بهم في الحروب بشكل مباشر والأكتفاء بتقديم الدعم اللوجستي والأستخباراتي والتدريب
الظهور أمام شعبها وشعوب العالم أن لا ذنب لها في مايجري وأن روسيا وإيران وبدعم الفيتو الفيتو الصيني والروسي هٌم سبب مايجري في المنطقة
وفي ذات الوقت هي تستنزف خصومها وخاصةً الروس.
إذاً هي سياسة مٌخطط لها بدقه وفيها مكر وخّبث أمريكي كبير.
ومع كل أسف أنّ منطقتنا العربية هي الميدان وهي المصالح التي يتنافسون عليها ويٌجرون تجاربهم ويبيعون أسلحتهم لنقتل بَعضُنَا البعض ونحن لازلنا نغرق في وَحلِ الصراعات الطائيفية والمذهبية والفتن والمحن والقادم أدهى وأمّر أنْ لَمْ نصحو من غفلتنا وغفوتنا التي طالت وننهض من كبوتنا.
فالعربي جوادٌ أصيل ولِكل جواد كبوه ونتمنى وندعو الله سبحانه وتعالى أن يلتم الشمل العربي ويستعيد العرب مجدهم وأمجادهم وحكمة وبطولات أجدادهم أن لم تكن بالسيف فلتكن بالعقل.
* إعلامي